إن الصمت عما لا يعنيك هو دأب الصالحين، من الأنبياء وأتباعهم من هذه الأمة ومن غيرها، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان طويل الصمت، كما روى جابر بن سمرة رضي الله عنه في كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم لـ أبي الشيخ: [[أن النبي صلى الله عليه وسلم كان طويل الصمت]] لكن ليس المقصود به الصمت المطلق، والمقصود بالصمت الذي كان يوصف به النبي صلى الله عليه وسلم، هو ما أخبرت به عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري قالت: [[لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يسرد الكلام كسردكم هذا، إنما كان كلامه فصلاً لو شاء العاد أن يحصيه لأحصاه، فمن سمعه حفظه]] وذلك ليس بالغريب؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قد أوتي جوامع الكلم، وقد تلقى هذا عنه أصحابه ومن بعدهم، فكانوا يخطبون ويتكلمون بكلمات فصل، فيها علم وحكمة، مع أنها عبارات وألفاظ معدودة، وهذا بخلاف أصحاب الأزمنة المتأخرة، فإنهم يطيلون ويتوسعون في القول والكلام، وربما تكون الفائدة والمحصلة أقل من ذلك!!