ٍ ٍأجاب على هذا السؤال شيخ آخر:
Q ما هو العمل فيمن كان عنده فتاتان تبلغ أعمارهن الخامسة أو السادسة والعشرين، وهن ملتزمات بدين الله، هل أقوم بالبحث عن زوج كفء لهن كما فعل عمر رضي الله عنه؟
صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: أيها الإخوة: إن موضوع الزواج ينبغي أن يبادر به المسلم، وألا يؤخر مولياته عن وقت زواجهن حيث توفرت الشروط، ولو كان ذلك بالبحث، ولكن في الواقع أن الإنسان في الغالب لا يحتاج إلى بحث في هذه البلاد، حيث يأتيه الخطاب، ولكن الموضوع هو أن كثيراً من الأولياء يتعنتون في صفات الزوج، أو يطلبون مهوراً كثيرةً فوق طاقة الزوج.
والذي أريد أن أقوله: إن هذه التكاليف التي وجدت في المجتمع الآن من المغالاة في المهور، وتكاليف تضاف إلى ذلك، ينبغي أن ينظر فيها وأن تترك؛ لأن كثيراً ممن يريدون الزواج يعجزون عن دفع هذه التكاليف التي أقحم فيها الناس، والتي مالت إليها النساء وصار الرجال أتباعاً لهن، فالرجل هو الذي يتكلم، ولكن ما يحصل في الواقع هن النساء، وترغب الأم أن تكون ابنتها مثل فلانة وفلانة سواء في المهر، أو في تجهيز الزواج، وهذا خطأ، فلقد عجز كثيرٌ من الشباب عن الإقدام على الزواج، أو كثيرٌ ممن يريدون الزواج من شبابٍ أو غيرهم بسبب غلاء المهور، وتعنت الأولياء.
فالذي ينبغي لكل مسلم أن يكون متمثلاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: {إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه} فينبغي للمسلم أن يعتبر هذه الصفات، وألا ينظر إلى الدنيا ولا إلى فلان بن فلان، وأن فلاناً بن فلان لا يصلح أن تناسبه، فهذا خطأ! فإن النبي عليه الصلاة والسلام علق الأمر بالدين والخلق، فينبغي للمسلم أن يترك كثيراً من العادات التي يعتادها الناس خصوصاً ما يتعلق بتكاليف الزواج وغلاء المهور.
والأمر الآخر قضية الأنساب: بأن هذا ليس من بني فلان وبني فلان، فينبغي لنا أن نتسامح في قبول من يأتينا إذا تحقق لنا منه الدين والخلق، ولا ننظر إلى مكانته في المجتمع؛ لأن المكانة عند الله هي التقوى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] .
وبالنسبة لسؤال السائل فأنا أقول: إنه لا مانع من أن يبحث عن زوج وإن كان ذلك لا يتعذر في الغالب في مجتمعنا هذا، وقلَّ أن تجد أي امرأة صغيرة أو كبيرة إلا ويأتيها من يخطبها، لكن ما يحدث هو تعنت الأم أو الأب أو الأقارب.
فالمقصود: أن نتسامح في الأمر، وأن ننظر إلى خلق الرجل لا إلى دنياه؛ بل إلى دينه وأمانته وسيرته الطيبة، ونُقْدم على تزويجه، والله سبحانه وتعالى قد وعد أن من كان فقيراً فسوف يغنيه الله من فضله، فعلى كل حال إن بحث فقد بحث عمر رضي الله عنه عن زوج لابنته، وإن صبر حتى يأتيه أمر الله وفرج الله وأمره سبحانه وتعالى فسوف لا تغلق عليه الأبواب -إن شاء الله-.
نسأل الله أن يوفقنا وإخواننا المسلمين بالعمل بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.