أجاب على هذا السؤال شيخ آخر:
Q وماذا عمن يرغب في الزواج من امرأة ثانية، ويرغب في أن تكون من العوانس، هل يكون مأجوراً في هذا، أم لا؟.
صلى الله عليه وسلم هذا يختلف باختلاف الظروف وباختلاف أحوال الناس، فإذا كان الإنسان يفضل أن تكون امرأة كبيرة عانساً، فهل يقصد بقوله: عانساً، أنها لم تتزوج؟ أم عانساً يريد بذلك أنها ثيب؟ فإن كان يقصد بذلك أن تكون قد تزوجت، أو تكون قد طعنت في السن فجوابه، ما جاء عن جابر رضي الله عنه؛ فإنه حينما تزوج امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك} .
أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
فأخبر أنه أخذها من أجل أن تربي أخواته اللاتي ماتت أمهن، فالنبي صلى الله عليه وسلم كأنما أقره على هذا العمل، فعرف أن هذا مبررٌ دعاه إلى أن ينعزل عن البكر وعن الصغيرة من أجل تربية أخواته، ففي هذه الحالة قد تكون مبرراً ويكون داعياً للإنسان في تفضيل الكبيرة أو الثيب على الصغيرة، وقد تكون هناك اعتبارات أخرى شخصية يدركها الإنسان من نفسه.
أما إذا كان يريد أن يتخير فيحرص الإنسان أن تكون صغيرة، وأن تكون بكراً وأن تكون ودوداً ولوداً، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن لعل السائل يقصد شيئاً آخر، فلعله يقصد: إذا كان كبيراً في السن هل يأخذ بكراً صغيرةً، أو يأخذ ما يتناسب مع حاله؟ أما حكم هذه المسألة من الناحية الشرعية: فيجوز للإنسان أن يتزوج صغيرةً وهو كبير إذا كان الإنسان عنده قدرة، ويستطيع أن يعفها ويحصنها، فإنه يجوز له أن يفعل ذلك، فإن كثيراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجوا أبكاراً وصغيراتٍ وهم كبار، وإمامهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تزوج عائشة وهي ابنة ست سنوات، وبنى بها وهي بنت تسع سنوات، فمثل ذلك جائز.
ولكن إذا كان الإنسان يرى أنه لا يعفها، أو لا يستطيع أن يقوم بما يحصنها، فإنه لا ينبغي أن يقدم على مثل هذا العمل؛ لأنه قد يضرها وقد يترتب على ذلك مفسدة.
أما من حيث ولي المرأة، فهل ينبغي له أن يزوج ابنته الصغيرة من رجل كبير في السن؟ على كل حال هذه أمانة في عنق كل إنسان، فينظر ما هو الدافع له إلى مثل هذا؟ إن كان الدافع له رغبة في ماله ومطامع شخصية، فلا ينبغي أن يكره موليته على مثل هذا، فمثل هذا قد يكون ظلماً لها لا سيما إذا كان وليها فد خدعها وغشها في ذلك؛ لأن ذلك من حقها، فهي تحتاج إلى من يعفها ويحصنها، وإن كان هذا الرجل لا يقصد منه إلا الدين والصلاح، ويرى أنه يستطيع أن يعفها، ويقوم بما تحتاجه ولا يقصر عليها، فمثل هذا لا بأس عليه في ذلك، ولكن الأولى أن يختار لموليته من يقاربها في السن حتى لا يحصل بذلك بعض المفاسد، ولا يحصل بذلك تأثيرات على نفسية هذه البنت، وكثيرٌ من الزوجات تخفق بسبب تصرف بعض الأولياء حينما يتعنتون ويظلمون مولياتهم ويزوجونهن برجال طاعنين في السن لا يلبث معها إلا فترة بسيطة، ثم تفارقه الصحة أو يفارق الحياة فتظل عانسة أرملة بسبب تصرف وليها، والله أعلم.
الجواب: يقول الشيخ: سلمان معلقاً على الإجابة الأولى: أما ما ذكر الشيخ: فالأولى أن يتركها في رأيي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك زوجاته وهن -أيضاً- بعضهن شابات، والآجال بيد الله عز وجل، ولكن نعلل أنها إذا رضيت واطمأنت مع زوجها فله ذلك، وإن لم ترض فلا يُقْدِم، أما أن نعلل بالآجال فلا ينبغي؛ لأن الآجال بيد الله: ولا تقل الصبا فيه انتهال وفكر كم صغير قد دفنتا فأكثر الناس يموت في ريعان الشباب، وكم من رجل كبير تزوج بامرأة صغيرة فماتت قبله؟! فلا ينبغي أن نعلل بالآجال، ولكن ينبغي أن نعلل بالراحة النفسية إذا اطمأنت إلى زوجها واطمأن إليها فالعواقب بيد الله سبحانه وتعالى، والصحابة رضي الله عنهم تزوجوا نساءً صغيرات وهم طاعنون في السن، ونبينا صلى الله عليه وسلم وهو القدوة والأسوة -كما حكى لنا فضيلة الشيخ- تزوج عائشة وهي صغيرة وهو كبير.
فالتعليل في مثل هذا أنه إذا كان الرجل يستطيع أن يحصن زوجه فلْيُقْدِم، وإذا لم ترض، فلا ينبغي لوليها أن يكرهها من أجل رأيه، أو من أجل أطماع الدنيا الزائلة، والله أعلم.