وضع السودان الحالي

إنما السؤال هو عن قضية وضع السودان الحالي, فهناك بالتأكيد حملة شرسة على السودان في الإعلام الغربي والعربي تعرفونها وتدركونها جميعاً.

والغرب يصف الحكومة السودانية بأنها حكومة أصولية، ويتكلم أنها تدعم الإرهاب، وأنها بداية للحركات، أو الدعوات الأصولية القائمة؛ ولذلك أوقف عنها جميع ألوان المساعدات من صندوق النقد الدولي، والجمعيات التابعة للأمم المتحدة أوقفت المساعدات عن السودان نهائياً، على الرغم من أن السودان دولة فقيرة جداً, ودخل الفرد فيها ضعيف, وعلى الرغم من أن السودان تؤوي آلافاً من اللاجئين من إرتيريا، وتعيش فترات من الجفاف طيلة السنين الماضية, إلا أنهم لم يأبهوا بهذا الوضع الصعب، وأوقفوا ألوان الدعم -الدعم الإنساني كما يسمونه- عن السودان, اللهم إلا أن يكون الدعم لجنوب السودان حيث يكثر النصارى، وحيث كان يسيطر عليها جون قرنق وأتباعه.

وأبداً لسنا نعتقد أن الحكومة القائمة في السودان هي الحكومة الإسلامية المثالية التي يطمح إليها المسلمون, ولكننا -أيضاً- نقول إن تلك الحكومة القائمة في السودان هي أفضل من جميع الحكومات العلمانية التي لا تقول -أصلاً-: إنها تحكم الشريعة, ولا تقول: إنها تطمح إلى تحكيم الإسلام، وإنما تقول: إنها لا تسمح ولا ترضى بقيام أي حزب فيها على أساس الدين, والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان, فمن هو الذي يستطيع أن يوالي ويحب ويدافع عن حكومة تقول: إنها لا تسمح بقيام حزب على أساس دين, ويحارب ويناوئ ويتهجم على حكومة أخرى تقول: نحن مسلمون, ونسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية, ونسعى إلى تكميل النقص الموجود فينا بين آونة وأخرى, ونطلب من شعبنا أن يلتزم بالحجاب الشرعي, ونحارب بيوت الدعارة, ونحارب النصارى في بلادنا، وننتصر عليهم -بإذن الله تعالى- ونتيح الفرصة للدعاة أن يقوموا بدعوتهم.

ومرة أخرى أقول: هذه الكلمة ليست تزكية مطلقة للوضع في السودان، فإننا نعلم أن هناك ثغرات كبيرة موجودة, وعلى بعض قادة الجبهة الإسلامية هناك تحفظات -لي ولغيري من دعاة الإسلام- على ما يطرحونه من أفكار ومبادئ واجتهادات وتصورات, لا يقرون عليها ولا يوافقون على ما فيها.

ولكننا نقول مع ذلك: إنه بالنظر إلى وضع السودان -الآن- وإلى وضع العالم والدول المحيطة به والأوضاع التي يعيشها المسلمون، فإننا نقول: إن وضع السودان يعتبر بداية ينبغي أن نفرح بها من هذا المنطلق, نفرح بها على أنها بداية يمكن أن تكتمل بعون الله تعالى؛ خاصة مع اجتهاد المسلمين في التواصل مع إخوانهم هناك, ولو بالنصيحة.

ولقد رأينا كثيراً من صحفنا هنا والصحف العربية والعالمية شنت حرباً ضروساً على وضع السودان، ووصفته بأنه وضع أصولي، وأنهم متطرفون، وأنهم يغذون حركات الإرهاب وأنهم وأنهم إلخ.

لكنني أتساءل: هل سمعتم -أيها الإخوة- صوت النصيحة الذي يدعو إخواننا المسلمين في السودان إلى تصحيح أي خطأ موجود عندهم, أما أنا فوالله لم أسمعه حتى الآن, ما سمعنا إلا صوت الشجب والذم, والاتهام والطعن والتشهير, وهذه الأصوات هي أصوات الأعداء, لكن أين أصوات المخلصين لشعب السودان وحكومته؟! أين أصوات المخلصين للمسلمين؟! لماذا لا يناصحون إخوانهم هناك؟ لماذا لا يدعونهم إلى ما يعتقدون أنه خير وأفضل لهم؟!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015