وهناك مقابلة نشرتها بعض الصحف الغربية مع الدكتور حسن الترابي , وهو أحد المفكرين الموجودين في السودان وهو زعيم من زعماء الجبهة القومية الإسلامية هناك, والرجل له أفكار واجتهادات كثيرة بعضها صحيح وبعضها لا يوافق عليه؛ بل له اجتهادات فيها نظر كبير, لكن هذه المقابلة فيها كلام جيد, والمقابلة مع صحيفة لوفيجارو الفرنسية، وقد سألوه سؤالاً عن الإرهاب! فكان جوابه التالي: يقول: يجب أولاً: توضيح مفهوم الإرهاب, فعندما كان الفرنسيون يتصدون للاحتلال الألماني كنتم تستعملون كلمة نبيلة وهي كلمة المقاومة, أما عندما يتصدى الفلسطينيون لمحتل أرضهم اليهود فإنكم تسمون هذا إرهاباً, ففي الغرب هناك وزنان وقياسان, واليوم أنتم تميلون -وللأسف- للدمج بين الإسلام والإرهاب, وصحيح أن تولي الإسلام السلطة يرهبكم بسبب الأفكار التاريخية المسبقة لديكم, لكنكم تنسون أن الصليبيين والاستعماريين كانوا أنتم.
ويخاطب الفرنسيين والغرب -أيضاً- فيقول: أنتم تبشرون بالتسامح والتعددية لديكم، أما عندما تأتون إلى هنا -يعني الأرض الإسلامية- فإنكم لا تتحملون أن يكون هناك نموذج آخر للحضارة.
ثم سألوه: هل تريد أن تقول إن فرنسا وراء الانقلاب العسكري في الجزائر؟ قال: ليس لدي أدلة على ذلك، لكن هذا يشكل قناعة عامة, فإذا كانت فرنسا وضعت ثقلها كله في الميزان لكانت الديمقراطية قد انتصرت في الجزائر، ومن الممكن أن تدخل الأنظمة المجاورة للجزائر -والتي عرفت أن هذه الانتخابات الحرة تهددها- قد كان أكثر أهمية، ومرة أخرى سألوه عن الإرهاب؟ فقال: نحن لا نمارس الإرهاب المجرم, فديننا ينهانا عنه, لكن لنا الحق في حماية أنفسنا، وإذا كان الأمريكيون لا يريدون مساعدتنا فليحتفظوا بأموالهم, وإن سياسة مساعدات الشمال للجنوب هي شكل جديد لاستغلال الأغنياء للفقراء إلى آخر المقابلة.
على كل حال أقول: ينبغي أن ندرك أن السودان يواجه حصاراً غربياً, وقد يكون هو أحد ضحايا الغرب بعد ليبيا وسوريا وبعد أية دولة أخرى يطمع الغرب في أن يضحي بها لغرض أو لآخر, والغرب يتدخل، ولذلك لا يلام المسلمون إذا فرحوا وطربوا للأخبار التي تتكلم عن الاضطرابات في أمريكا, التي اتسعت لتشمل خمس مدن في ثلاث ولايات, والتي ذهب فيها عشرات القتلى, ومئات الجرحى, ومئات الملايين من الدولارات، التي ذهبت بسبب سرقة المتاجر والحرائق وغيرها؛ حتى اضطر الجيش والحرس والقوات البحرية وغيرها إلى التدخل, وبدأ عدد من رموز النظام الأمريكي يعيدون النظر في مدى تماسك الجبهة الداخلية، ومدى قناعتهم بالوضع القائم هناك, نحن لا نملك إلا أن نفرح؛ لأننا نعلم أن أمريكا أصبحت تقاوم أي صوت للإسلام في السودان أو الجزائر أو فلسطين أو مصر أو أفغانستان, وأن بصماتها واضحة هنا وهناك, فهي لن تسمح بقيام حكومة إسلامية وهي تستطيع ذلك.
ولهذا نسأل الله تعالى أن يشغلهم بأنفسهم، فنقول: اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، اللهم اجعل كيدهم في نحورهم, واجعل الدائرة عليهم, ونسأل الله تعالى أن يجعل عندهم من القلاقل والمشاكل الأمنية والاقتصادية ما يشغلهم عن المسلمين في كل مكان.
ونحن نعلم أن الله على كل شيء قدير, والذي أسقط الامبراطورية الشيوعية في الشرق, قادر على أن يسقط الامبراطورية الصليبية النصرانية في الغرب إنه على كل شيء قدير.