أخي المعلم أأنت تتعامل فقط مع الإدارة لتسلم من عقابها؟ أم أنك تتعامل مع الموجه لتسلم من عتابه؟! أم أنك تتعامل مع الله عز وجل الذي يعلم السر وأخفى؟! حدثني أحد الموجهين قال: كنت في مدرسة في إحدى المناطق, فدخلت على مدرس التوحيد, فكان يشرح باباً من الشرك: هو إرادة الإنسان بعمله الدنيا, فقام المدرس وجد واجتهد, وكتب في السبورة بالألوان كلها, وسأل الطلاب, وقام على قدميه, ورفع صوته وحرك يديه, ودار في الفصل, وزمجر وقدَّم وأخر, وكان خلال الدرس كله لا يهدأ أبداً, فلما بقي من الدرس دقائق, بدأ يسأل الطلاب أسئلة, فكان من ضمن الأسئلة التي وجهها إليهم: هات مثالاً لإرادة الإنسان بعمله الدنيا؟ فتحرك طالب في آخر الفصل, وربما أنه لم يتحرك قبل ذلك اليوم قط, وصفته ثقيل الجسم, كبير الهيئة, مخيف الصوت, فقام وقال: من إرادة الإنسان بعمله الدنيا أن يكون المدرس مهملاً غير مجتهد, ولا يحضر ولا يكتب على السبورة, ولا يقف على قدميه, فإذا علم بمجيء الموجه قام وكتب , وجدَّ واجتهد, وفعل وبذل ما يستطيع, قال: فنظرت إلى المدرس, فإذا هو في حالة يرثى لها, ولم ينقذه من ذلك إلا رنين الجرس, فخرج وخرجت معه, وكان يعتذر إليّ ويقول: إن الطالب لا يقصدني ولا يريدني.
أخي المعلم إنك تتعامل مع الله عز وجل الذي ترجو ما عنده, وترجو أن يكون هدى على يديك إنساناً إلى الخير, وذلك كما ذكر عليه الصلاة والسلام في حديث سهل بن سعد حينما بعث النبي صلى الله عليه وسلم علياً إلى خيبر, وقال له: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً, خير لك من حمر النعم} .