إنك ترجو أن تكون علَّمت إنساناً كيف يصلي, أو كيف يصوم, أو علمته خلقاً فاضلاً, أو أدباً شرعياً, فلك مثل أجره كلما صلى أو صام أو قام بتنفيذ هذا الخلق, أو ذاك الأدب, وفي حديث جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة} وفي حديث أبي هريرة -أيضاً- أنه صلى الله عليه وسلم قال: {من دعا إلى الهدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء} والحديثان في الصحيح.
فهذا هو همك, وهذا جزاؤك, وهذا راتبك, إن المبلغ اليسير الذي تأخذه ليس هو مقابل عملك وجهدك, فجهدك وعملك أكبر من ذلك بكثير, وإنما هو لمجرد تفرغك لهذا العمل, فأما عملك فجزاؤه مع الإخلاص عند الله تعالى جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر, إن الذي تتعاطاه هو من العلم النافع الذي لا يتوقف على حياتك, بل يبقى بعد مماتك.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً: {إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له} فهذا من العلم الذي ينتفع به, أن تكون وَرَّثْتَ تلاميذ علمتهم الصلاة, وصلوا وعلموها الناس, وعلمتهم الخلق الفاضل, فكانوا دعاة إلى الله تعالى في الملأ وفي كل مكان.