عدم التدخل السريع في البوسنة والهرسك

إنه في الوقت الذي تتدخل أمريكا بما يزيد على ثلاثين ألف جندياً من قوات المارينز، وتتدخل معها أكثر من اثنتي عشرة دولة من دول الكفر، فإننا نجد أن أوضاع المسلمين في البوسنة والهرسك لا تزال تشكل ضغطاً رهيباً عالمياً، ولا تزال الصيحات والنداءات تتوالى واحداً بعد الآخر، ولكن لا يبدو هناك أي نية قريبة ولا بعيدة لتدخل في ذلك الموضع.

وإنني أقول: من المستحيل أن يتدخل العالم الغربي في البوسنة والهرسك إلا في حالة واحدة، لوحظ أن هناك انتصارات للمسلمين، وأن القوة الإسلامية بدأت تتقدم، فحينئذٍ سوف يقوم بعملية تمثيلية مسرحية يعدها، ويتدخل بحجة الحيلولة بين الأطراف المتنازعة، للحيلولة دون انتشار الإسلام، ودون وجود إسلامي قوي هناك.

بل إن العالم الغربي كله، والأمم المتحدة أيضاً وهي الحكومة العالمية الظاهرة اليوم، لا يزالون يعترضون على مجرد السماح للمسلمين بشراء السلاح للدفاع عن أنفسهم، فهم يقولون: هناك حصار على كل الأطراف، والواقع أن صربيا لها حدود واسعة مشتركة مع عدد من الدول، ولها بحر، وهي تلقى معونات كثيرة، وليس هناك حصار عليها، لا من الناحية البرية، ولا من الناحية البحرية، بل بعض الدول الإسلامية تساعدها؛ فإيران زوَّدتها بالبترول، ومصر بعثت إليها بشحنات بترول أيضاً! وهذه من المضحكات المبكيات، فضلاً عن الدول المجاورة الغربية كلها، فضلاً عن الشركات الأمريكية والبريطانية والفرنسية فكل هؤلاء لم يفعلوا، ولم يمتثلوا للحصار المفروض على صربيا، أما المسلمون فإن بلادهم وحدودهم محصورة، فصربيا تحيط بهم، والكروات يحيطون بهم، فالمنطقة الوحيدة التي يمكن أن يأتيهم منها السلاح هي كرواتيا، أو من خلال إذن عالمي دولي بتصدير السلاح.

ولذلك يفرض على المسلمين حصار حقيقي صارم، أما عدُوُّهم فمع أنه يملك قوة كبيرة إلا أنه ليس عليه أي لون من ألوان الحصار، وكذلك الطائرات فقد فرضوا على صربيا ألا تُحَلِّقَ طائراتُها، والواقع أن صربيا تنتهك هذا الأمر يومياً عشرات المرات، ولا يملك العالم إلا أن يسكت عن هذه الأخبار، أو أن يدينها بالكلام فقط.

إذاً لماذا لا يحافظ العالم الغربي، ولا تحافظ الأمم المتحدة على هيبتها في البوسنة والهرسك؟ ولماذا دموع التماسيح التي تراق في الصومال لماذا لا تراق في أرض البوسنة والهرسك؟ لماذا تدخلوا هنا على الرغم أنه لم يطلبهم أحد، ولم يتدخلوا هناك مع أن الأصوات صمَّت آذانهم تطالبهم بالتدخل، وطالبت البوسنة والهرسك، وطالب العالم الإسلامي بأجمعه، وطالبت كثير من المنظمات الغربية، وطالب الإعلام الغربي، ومع ذلك لا يزالون يصمُّون آذانهم عن هذه النداءات وهذه الصيحات.

أين حقوق الإنسان من هذه الصور التي يعرضونها للأطفال المشردين، وللنساء، وللعجائز، وللكبار، وللقتلى؟! أين حقوق الإنسان؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015