من ذلك أيضاً: وضوح الهدف الذي يقاتل من أجله المسلم، فالمسلم يعرف لماذا يقاتل؟ ولماذا يصبر؟ ولماذا يموت؟ فإنه ليس قتال على عصبية عمياء، ولا على جاهلية، ولا على نعرة وطنية أو قومية، وليس مدفوعاً دفعاً إلى معركة، وأن الذي يستفيد منها غيره، فيستفيد منها الرئيس أو الزعيم، أو الطاغية، أو يستفيد منها الحزب، أو يستفيد منها شيخ القبيلة، أو ما أشبه ذلك، إنه مقبل على معركة يعرف أنها معركة الإسلام الكبرى، ويعلم أن المصلحة له قبل غيره، فهو إن مات مات شهيداً، وإن عاش عاش حميداً.
فهو يقول: سأثأر لكن لرب ودين وأمضي على سنتي في يقين فإما إلى النصر فوق الأنام وإما إلى الله في الخالدين وإنا لَقَوْمٌ لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر وعلى سبيل الإجمال فإن الأمم الكافرة تستوحي نتائج المعارك من خلال الأرقام، والإحصائيات والدراسات النظرية، فإذا وجدت أنَّ عندها من الجنود مثلاً أربعمائة ألف جندي، وأنَّ عندها من الأسلحة والطائرات وألوان القوى الأعداد المحددة، فإنها توقن حينئذٍ أنها سوف تنتصر على ذلك الجيش، الذي هو أقل عدداً وعدة، وتستبعد الجانب العقدي، وتستبعد الجانب الأخلاقي، وتستبعد جانب القوة الإنسانية المتمثلة في الإيمان، وفي الشجاعة، وفي وضوح الهدف، وغير ذلك مما يؤثر في مسار المعركة تأثيراً بليغاً.