ولهذا ذكر أولو العلم أن العفة من أعظم أسباب الشجاعة، الإنسان العفيف، البعيد عن المال الحرام أو المشتبه، والبعيد عن الشهوات، والبعيد عن اللذات المحرمة، فهذا الإنسان يرزقه الله تعالى في قلبه الشجاعة والقوة، أما ذلك الإنسان الراكض وراء الشهوات، والمحرمات، والمغريات، والذي همه إشباع بطنه، وفرجه، وملء جيبه، من حلال أو من حرام، فإن هذا الإنسان أسرع ما يكون فراراً من المعارك.
ولذلك فإن التاريخ يشهد أن الأمة تنهزم متى كانت تجري وراء شهواتها وملذاتها، وأن الأمة التي تربي نشأها وشبابها على العبودية للمصلحة، أو العبودية للذة؛ أن هذه الأمة ليس لديها نية صادقة للصمود أو المواجهة لعدوها.
إن الغربي الكافر اليوم إباحي شهواني، يجري وراء المتاع ولا يبين له شيء منه إلا أسرع إليه، فأي شيء يغري هذا الكافر إلى الصمود أو الصبر والثبات! وأي شيء يدعوه إلى خوض المعارك والاستبسال فيها! وأي شيء يجعله ينازل الموت ولا يخاف منه!!! لقد كان من آخر الأخبار أن الرئيس الأمريكي الجديد، قد سمح بالشذوذ الجنسي في قطاع الجيش، أو بمعنى آخر سمح للشاذين جنسياً أن يكونوا ضمن المجندين، والمقصود بالشذوذ الجنسي والعياذ بالله عمل قوم لوط أو سائر الفواحش، بين الرجال، أو بين النساء أو غير ذلك.
إن السماح بذلك في قطاع الجيش أثار موجة من الرعب والذعر والانتقاد، ولكنه يدل على مدى ما وصلت إليه تلك الجيوش من الانحلال الخلقي، ونحن نعلم جميعاً أن الجيوش الأمريكية والغربية التي جاست خلال الديار ومرت، وحاربت سواءٌ في الخليج أم في غيره، أنه يوجد أكثر من (10%) منهم من النساء، وبعض هؤلاء النساء، إن لم أقل كلهن جئن خصيصاً للترفيه عن الجنود، وإحياء الحفلات الراقصة، وإقناع الجنود بالبقاء في بلاد بعيدة عن أرضهم، إلى غير ذلك من المقاصد التي يسعون إليها في كل مكان نزلوا فيه.
ومثل هؤلاء نقطع يقيناً أنهم لا يملكون القوة على المواجهة، ولا الصبر، ولا يرغبون في الموت بحال من الأحوال، بل هم كما ذكر الله عز وجل: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة:96] أي حياة كانت ولو كانت حياة الذل، أو حياة الفقر، أو البؤس، أو الشقاء، المهم أن الحياة عندهم هدف بذاته، فهم يسعون إلى البقاء فيها مهما كان فيها من الذل، ومن الهوان، ومن الفقر لأن الحياة عندهم هدف بذاته.
نعم لقد ملك الغرب ناصية الآلة، وطوع المادة، ونجح في الاختراع، ولكن المهم هو هذا الإنسان الذي يحرك الآلة ويديرها، والذي يستفيد من كل الاختراعات وهو وراءها، هذا الإنسان هو المهم، فمتى ما انهزم هذا الإنسان فإن الآلة لا تنفعه حينئذ.