Q كثيراً ما نسمع أن الأساليب المتبعة في تعليم وتربية المسلمين، والعوامل المحيطة بهم في المجتمعات المسلمة، هي أشد خطراً على الإسلام والمسلمين من العوامل الخارجية التي تأتي من أعداء الإسلام والمسلمين من الخارج، بما فيها محاربة الإسلام من قبل أعداء المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم، ما مدى صحة هذا الكلام، وما هو المقصود بالعوامل الداخلية التي تشكل خطراً على شباب المسلمين؟
صلى الله عليه وسلم الله سبحانه وتعالى يقول: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:165] ويقول سبحانه وتعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [آل عمران:120] نعم، إذا تمكن المسلمون من تحقيق هذين الشرطين وهما: الصبر والتقوى، تمكنوا من إحباط كل المؤامرات الخارجية التي تحاك وتدبر ضدهم، ولذلك ندرك الخطورة الكبيرة لعملاء الغرب وعملاء الكفار بين المسلمين والمنافقين الذين يعيشون بين المسلمين وهم في الحقيقة ولاؤهم للكفر والشرك وأهله؛ لأنهم من بني جلدتنا كما وصف صلى الله عليه وسلم كما في حديث حذيفة المتفق عليه: {يتكلمون بألسنتنا} ولكنهم مع ذلك يمثلون أهداف أعداء الإسلام.
إن تأثير المناهج الدراسية في العالم الإسلامي كله تأثير واضح وبصماته قوية في عقول الطلاب، ولا يقل أثراً عنها الإعلام الغربي والعالمي أيضاً في صياغته للناس في عقولهم وقلوبهم وأخلاقهم وسلوكهم وغير ذلك، فالعدو استطاع أن ينفذ إلى المسلمين من خلال هذه الوسائل، وأن يوظفها لصالحه، وعلى كل حال من السهل أن نلقي بمسئوليتنا ونلقي بضعفنا ونلقي بأخطائنا على العدو، فنتهمه دائماً وأبداً في كل ما جرى لنا، ولكن هذا أحياناً يشكل نوعاً من المهرب النفسي من الاعتراف بالخطأ، وبالمسئولية، والاعتراف بضرورة التصحيح؛ لأنك إذا قلت: إن العدو هو الذي فعل وفعل، معنى ذلك أنه لا حيلة؛ لأن العدو سيظل عدوك وسيظل شرساً بقدر ما يستطيع، لكن إذا اعتُرِف بقدر من المسئولية عليّ أنا شخصياً وعليك أنت، سيكون هناك فرصة للتصحيح والمراجعة، ولهذا أنزل الله سبحانه وتعالى -بعد معركة أحد وبعد أن هُزم المسلمون- نزلت الآيات من (سورة آل عمران) تلقن المسلمين الدروس التي يجب أن يأخذوها من هذه الهزيمة.
فالمصائب التي تواجه المسلمين اليوم مثلاً في يوغسلافيا أو الصومال أو أفغانستان أو مصر أو فلسطين أو الجزائر أو تونس أو في أي بلد، لا يصح أن تمر دون وقفة محاسبة نصدق الله تعالى فيها، ونراجع خطواتنا وأعمالنا ونياتنا ومقاصدنا والتزامنا بدين الله تعالى، عقيدةً وشريعةً وأحكاماً وأخلاقاً ومعاملةً للناس، إن الله تعالى حكمٌ عدلٌ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس:44] وهو يقول في كتابه {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:165] ويقول: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى:30] فمن المهم جداً أن نبرز الجانب الذاتي في المصائب التي نزلت بالمسلمين.