استفادة الدارسين وتفوقهم في دراستهم

الوصية الثالثة: إن معظم الإخوة المغتربين هم من الطلاب، وهم دارسون يقيم الواحد منهم في هذا البلد سنوات لمرحلة الماجستير وأخرى للدكتوراه، ثم يعود إلى بلده، وهذه في الغالب لا توجد في بلادهم.

لقد كنا قبل زمن -أيها الأحبة- نتوجس خيفة من هؤلاء القادمين من بلاد الغرب، لقد تعودنا أن يكونوا ممن تغيرت أفكارهم وأتوا وقد تخلى الكثير منهم عن مبادئ دينهم الحقيقية، وأصبحوا رسلاً للغرب في بلادهم، نعم أسماؤهم عربية وإسلامية وملابسهم هي كذلك، أما عقولهم وقلوبهم أمرها مختلف.

أما اليوم فنحمد الله تعالى على أننا أصبحنا نلاحظ أن الشباب في تلك البلاد ممن يدرسون تلك التخصصات العلمية، وربما لا أكون مبالغاً أن أقول: إنهم أكثر التزاماً من كثير من الجامعات الموجودة في البلاد الإسلامية نفسها، وهذا يبشر بخير كثير إن شاء الله، ونرجو أن يكون إرهاصاً لقرب تحقيق الوعد الرباني للمسلمين في التمكين في الأرض، وقرب عودة الأمة إلى دينها ورجوعها إلى كتاب ربها وسنة نبيها عليه الصلاة والسلام، ومراجعتها للطريق الصحيح، وذلك هو بداية عزها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر الصحيح: {إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لاينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم} فأرجو أن يكون هذا بداية لرجوع حقيقي للأمة كلها إلى دينها.

إنني أوصي أولئك الإخوة الذين مَنَّ الله تعالى عليهم بالهداية والصلاح والاستقامة؛ أن يحرصوا على أن ينتجوا وينجزوا في مجال تخصصهم أيضاً، بحيث يكونون مبرزين، ويرجعون وقد حصلوا على العلم الذي تعبوا في البحث عنه وتغربوا من أجل الحصول عليه، حتى يتحقق بذلك استغناء المسلمين عن عدوهم واكتفاؤهم الذاتي، ولا نريد أن يظل المسلمون عالةً على أعدائهم حتى في هذه العلوم التي لا تعرف بلداً بعينه وليست لها جنسية، بل هي فيمن يسعى في تحصيلها.

وقد كانت هذه العلوم في يوم من الأيام في جامعات المسلمين، ثم انتقلت إلى بلاد الغرب وطوروها وأضافوا إليها أحياناً أشياء كثيرة من آثار فكرهم المنحرف، وكفرهم بالله عز وجل وضلالهم، فنودّ من الإخوة الشباب أن يحملوا على عاتقهم تلك المهمة الجليلة، مهمة نقل تقنية العلم المجدي المباح الذي يحتاجه المسلمون، ونقل ذلك إلى بلاد المسلمين وإلى الجامعات الإسلامية، وإلى مراكز البحث؛ ليتحقق بذلك استغناء المسلمين عن عدوهم واكتفاؤهم الذاتي في هذا المجال الخطير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015