العنوان السابع والأخير: الاسم لا يكفي: إن أعظم الأسماء هي الأسماء التي ذكرها الله تعالى في كتابه، الإسلام، والإيمان، {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} [الحج:78] وسمانا الله تعالى المؤمنين أيضاً: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعض} [التوبة:71] ومع ذلك يوجد من يتسمى بالإسلام، وقد يوجد من يتسمى بالإيمان، ويكون عنده خلل عظيم، أو تقصير، بل قد يوجد من يدعي الإسلام وهو كافر، وهؤلاء المنافقون، كانوا موجودين بين ظهراني المؤمنين، وكانوا كفاراً، وهم في الدرك الأسفل من النار، وقد ادعوا الإسلام فلم تنفعهم الدعوى: والدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياءُ وأدعى قوم الإيمان فأكذبهم الله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات:14] .
إذاً: قد يدعي الواحد منا أنه مؤمن، ومسلم، وداعية، وعالم، وكذا، وكذا، وعلى المنهج الصحيح، وعلى طريقة الأمة السابقة، وعلى طريقة السلف الصالح، وعلى طريقة العلماء، وعلى وعلى، والمهم في ذلك كله أن تكون هذه الأشياء يعززها الإنسان بالفعل، ويعززها بالتطبيق، ويعززها بالخلق وبالعلم، لأن هذا هو المعتبر، فإذا سمع الناس هذا الكلام، ووجدوا تطبيقا يقولوا: صدق.
وإنَّ أحسن قول أنت قائله قول يقال إذا أنشدته صَدق فأقول: إن أحسن دعوة أنت مدعيها، هي الدعوى التي إذا قلتها أشار الناس إليك بالأكف، وقالوا: صدقت صدقت، أما الدعوى المجردة، فلا تكفي، قال الله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} [النساء:123-124] المهم أن المسألة ليست بالأماني، ولا بالتمني، ولا بالتحلى، كما قال الحسن البصري رحمه الله: [[ليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل]] .
إذاً العبرة بالسلوك وبالعمل، والاسم وحده لا يكفي، وقد قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة:18] وقال الله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} [البقرة:111] فهذه أحلام وتطلعات، ورغبات، لكن: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة:111] فالبرهان هو العمل، والبرهان هو التطبيق.
فعلينا أن نكون عمليين فيما ندعو إليه، فندعو الناس بأفعالنا، ونزكي أنفسنا بالعبادة، وبالعلم، وبالعقيدة الصحيحة، وبالتقوى، ولا مانع بعد ذلك إذا لزم الأمر أن تزكيها بشيء من الكلام، ترى أن له حاجة.
أسأل الله تعالى أن يغفر لنا أجمعين، وأن يستر علينا، وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي يقربنا إليه، وأن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، وتفرقنا بعده تفرقاً معصوماً.