كيفية الاحتساب في مسائل الخلاف

أما إذا كان الأمر أننا نقول: هو حرام، وطرف آخر يقول: لا، ليس حراماً فها هنا وجد خلاف، هل هو من باب الحرام فيجب تركه؟ أم هل هو من المباح فيجوز فعله؟ فهنا بإمكاننا سلوك أحد سبيلين: السبيل الأول: الجدال بالتي هي أحسن، فلا مانع أن تناقشني وأناقشك بدون رفع أصوات، ولا مغاضبة ولا مساخطة، ولا يسوء ظنك بي، ولا تجد عليَّ في نفسك، لكن ناقشني بالتي هي أحسن، وبالكلمة الطيبة، وربك جل وعلا قال: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت:46] وقال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] الكلمة الطيبة: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الاسراء:53] فالمناقشة والأخذ والعطاء ربما يتبين لك فيها شيء لم يكن واضحاً، أو على الأقل تعذر الآخر، أو ربما يتبين له الحق فيأخذ به، فإذا لم يكن النقاش ممكناً، أو لم يوصل إلى نتيجة فهناك حلٌ آخر.

السبيل الثاني:- الرجوع إلى العلماء للاستنارة بعلمهم، كما قال الله عز وجل في موضعين من كتابه: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] وأهل الذكر، هم أهل العلم، العلم بالقرآن، والعلم بالسنة، وفي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند أهل السنن، في قصة صاحب الشجة، أنه عليه الصلاة والسلام قال لبعض أصحابه {قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال} فالرجوع إلى أهل العلم ومناقشتهم والاجتماع عندهم، والأخذ من علمهم، هذا من أسباب توحيد الكلمة، والوصول إلى الحق، وأحياناً قد يكون الخلاف لفظياً، أو شبه لفظي، وأضرب لذلك مثلاً واحداً، أن الخلاف أحياناً قد يطول ويعرض، ولو تأمله العاقل لوجد أنه أقرب من قريب، أو أن الخلاف يسير، يحتمل ويحتمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015