أحدهم كتب مقالاً عنوانه: (المجرم حين يصبح رجل دين) وتكلم بكلام قاسٍ على طبقة يقول: إنهم شبعوا من الفساد، وارتكبوا ألوان الجرائم، ثم أظهروا التوبة، وصاروا ينظرون إلى الناس نظرة شك وريبة، ويلاحقون الناس، ويتجسسون على عوراتهم، ثم صار يتهم هؤلاء بشتى التهم.
إن النقد له ضوابطه يا أخي، والشتم ليس من شيمة المسلم، واتهام النيات لا معنى له، فأنت -مثلاً- لو قال لك إنسان: إنك شخص متهم، أو إنك عميل، أو أنك تمارس أخلاقيات غير جيدة في الخفاء، أو إنك تمارس محاولة الحصول على الشهرة على أكتاف الآخرين، لما كنت ترضى بهذا بحال من الأحوال، ولكنت تكتب عنه كثيراً، وتشهر به، وتقول له: ما الذي جعلك تطلع على ما في قلبي؟! أو تتجسس عليّ في بيتي؟! فما بالك أصبحت تمارس هذا الدور الذي تنتقده مع الآخرين، فتتهمهم بشتى التهم وتجعل العنوان: (المجرم حين يصبح رجل دين) .
بل الأغرب من ذلك أن هذا الشخص نفسه قال في مقال له: واحد لحيته مثل التيس -هكذا!! - يقول لي: لماذا تتكلم عن رجال الدين، ورد عليه بقوله: قلت له: الإسلام ليس فيه رجال دين، يا سبحان الله!! أولاً: كلمة أن هذا الإنسان لحيته شكلها كذا، هذا الكلام ليس من كلام المنطق، ولا من كلام العقل، وإذا تركنا قضية الإسلام جانباً، لنناقشكم من منطلق الحرية الشخصية التي تتكلمون عنها، أليس من حقي كمواطن -ودعك من قضية وأنني مسلم- وإنني أربي لحيتي كما يحلو لي؟! وأنت تستغل جريدة رسمية سيارة لتسخر من لحيتي وشكل لحيتي، عيب!! أقول لك: عيب! لأن كثيراً من الناس لا تؤثر فيه مكلمة حرام، بل كلمة كفر قد لا تهز مشاعرهم.
ثم هو نفسه يقول في مقاله السابق: (المجرم حين يصبح رجل دين) ، هذا هو العنوان وعندما يقول له أحدهم: لماذا تسخر من رجال الدين؟ يقول له: الإسلام ليس فيه رجال دين.
إذاً: لماذا بالأمس استخدمت لفظ رجل دين، واليوم أصبحت تتناقض؟! ومرة أخرى كتب مقالاً يزعم أنه رسالة من أحد القراء، لفت نظري فيه -وكله يلفت النظر- لكن هذا الإنسان يقول: رجل نظر إلى زوجتي وهي معي في السيارة، وقال لها: "غطي وجهك يا فاجرة!! " متى حصل هذا؟! وأين حصل هذا؟! ثم ما هو التعليق؟! يقول هذا الإنسان: كل ما أستطيع أن أعلق عليه أنه بالنسبة لشعر رأسه وشعر لحيته عنده كثافة في الإنتاج وسوء في التوزيع، أي أن الشعر كثير لكنه غير منظم.
يا سبحان الله أهذا كلام! أهذا نقد!! هذا شتم، وسباب، وبذاءة، ونحن كنا نربأ ببعض هؤلاء أن يصلوا إلى هذا الحضيض الذي أوصلوا أنفسهم إليه، فعبروا عن مشاعر الحقد التي لا يحملها الإنسان الشريف الفاضل النبيل.