محاولة تأليب العوام

ورابع تكلم عن هذا الجهاز، وقال: إن هذه تجربة مستوردة، وهي مستوردة من دولة مجاورة، وهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور، حتى قال: إنه يحتمل أن تقوم حربٌ أهلية إذا قام مثل هذا الجهاز في الكويت، لأنه سوف يكون هناك ضرورة أن يدافع الناس عن أنفسهم، وفي الوقت نفسه يصورها بأنها ميليشيات يسمونها ميليشيات الأمر والنهي، أي: يصورونها بأنها دولة داخل الدولة، وأنها تهدد أمن البلاد، وأنها، وهذه نبرة معروفة لمحاولة التخويف من أي نشاط إسلامي بأنه يهدد أمن البلاد، وأنه خطر على الحكام.

إذاً عليكم أيها الحكام أن تقاوموا هذا النشاط، وتحاربوه، وتأخذوا حذركم منه فإنه يهدد وجودكم، ويهدد استقراركم، ويهدد كراسيكم.

وهي كما قيل: (شنشنة أعرفها من أخزم) بالرغم من أنهم يعترفون بأن دور هذه الهيئات لم يتعد أن يكون إعلانات على الصحف، بل إن أحدهم قال: تتصدر إعلاناتها الصحف على استحياء.

إذاً إعلانات في الصحف، وعلى استحياء أيضاً، ومع ذلك صار هناك تهديد بأن هذه يمكن أن تقلب نظام الحكم في البلد، وأنها ميليشيات، وأنها يمكن أن تكون النهاية حروب أهلية! وآخر كتب حواراً مع داعية في حلقتين، وهو كلام والله ساقط، حتى على المستوى اللغوي، وعلى المستوى الصحفي، أتعجب أين الرقابة الصحفية من مثل ذلك الكلام الذي لا يستحق أن أنقله أو أتكلم عنه؟! ثم ركز هؤلاء على تأييد الأعمال القمعية ضد الحركات الإسلامية في الجزائر وفي غيرها، وأيدوا هذا العمل، وقالوا عنها كثيراً مما قالوا، ومثل ذلك أمر عجيب: ففي الوقت الذي يتكلمون فيه هم عن إطلاق الحريات، ويطالبون -بما يسمونه- بالديمقراطية، كأنهم يعتبرون أن الديمقراطية حق لهم فقط أما من ينتسبون إلى الإسلام، والدعوة الإسلامية فإنه يجب أن يقاوموا بالحديد وبالنار.

ليس فقط حرمانهم من الحقوق في الصحافة والكتابة؛ لا، ولا حرمانهم من الحقوق في الكلام في المساجد فإن أحدهم -أحد هؤلاء الصحفيين- لما سمع خطيباً يدافع عن المتدينين اتصل بوزير الأوقاف يطالبه بفصل هذا الخطيب، فهو حصار إلى هذا الحد، وإلى هذه الدرجة، ومقاومة بهذه الصورة! إذاً، هم يريدون حريات لهم هم فقط، أما من ينتسبون إلى الدعوة الإسلامية، أما رجال الإسلام ودعاته، فإنهم لا يكتفون فقط بحرمانهم من الحقوق الإنسانية في الكتابة في الصحف، أو الكلام على أعواد المنابر -مثلاً- أو في الدروس وغيرها، وإنما حتى يطالبون بأن يكون مكانهم السجون؛ لأنهم يتهمون دائماً وأبداً بأنهم خطر على أمن البلاد، وعلى استقلالها، وعلى استقرارها، ولله في خلقه شئون! وبعضهم إذا عاتبته قال لك أنا لا أتكلم عن الجميع، أنا أتكلم عن البعض، وهذا في الواقع أمر عجيب! من هذا البعض الذي تتحدث عنه؟! ولماذا تتكلم عن البعض وتترك البعض الآخر؟! لماذا لا تذكرون الصورة الأخرى المشرقة لدعاة الإسلام ورجاله؟! حتى تستطيع أن تقول إنك منصف وعادل كما زعمت، وحتى حديثك عن هذا البعض، لماذا يكون حديثاً متشنجاً، منفعلاً، بعيداً عن الموضوعية، وبعيداً عن التعقل، وبعيداً عن الإنصاف؟ لماذا تتعرض لشخصيات الناس وحرياتهم وحقوقهم الخاصة؟! بعض الجمعيات في الكويت منعت بعض هذه الصحف أن تباع، فثارت ضجة في تلك الصحف، وقالوا: هذه الجمعية حكومة داخل الحكومة، دولة داخل الدولة، وقالوا: نخشى أن يتطور الأمر إلى إرهاب فكري، وما علاقتكم أنتم بثقافة الناس؟ وماذا يقرءون؟ وماذا يشترون؟ إلى حد أن بعضهم من تناقضه قال: إنهم لما منعوا بيع هذه الصحف ارتفعت مبيعاتها، وارتفع الإقبال عليها، ثم تناقض بعد قليل، وقال: إن منعهم لبيع هذه الصحف كان تمهيداً للانتخابات في تلك الجمعية وهذا أمر عجيب!.

إذاً: منع الصحف يرفع شعبية الجمعية عند الناس، هذا معنى قوله إنه تمهيد للانتخابات، وهو يزعم أن مبيعات الصحف قد ارتفعت بسبب منعها، وهذا تناقض ظاهر!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015