وبغض النظر عن تأثير الفساد الأخلاقي والاجتماعي فيما يجري ويقع على الأمم والشعوب، وهذه قضية دينية مسلمة مقررة، ولا يلزم منها أن يكون المصاب أكثر خطأً، وأكثر فساداً من غيره لكن الله تعالى يبتلي بحكمته كما يشاء، دون أن يكون هذا دليلاً على أن الآخرين الذين هم بمنجاة من هذا العقاب أنهم أفضل من المبتلين بغض النظر عن هذا وذاك.
فيا ليت هؤلاء الذين سخَّروا أقلامهم للانتقاد وانتقاد الأخيار، والسخرية بهم، ليتهم صبوا جهودهم في مقاومة الفساد الذي تنشره وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، والتي تعرض صوراً يشيب منها الرأس، ففي إحدى المرات تعرض صورة رجل لبناني يحمل معه ولداً جميلاً، فيقول بكل تبجح: إنه يحمل هذا الولد حتى يصطاد به الفتيات الكويتيات، لأنه ولد جميل، ويتحدث القادمون من هناك عن ممارسات وإن كنا نرجو أن تكون محدودة، إلا أنها قد تقع أحياناً أمام سمع وبصر المارة يقشعر منها الجلد، ولو علم بها رجل الجاهلية الأول لأنكرها وانتفض من ذلك في قبره.
بل الغريب أن هناك محاولات أخرى لتطبيعها واعتبارها أمراً عادياً، فلا تستغرب أن يكتب أحدهم في جريدة صوت الكويت يقول: إنه قد رأى في بريطانيا شاباً وفتاة غارقين في بحر من القبل لمدة نصف ساعة أو أكثر دون مضايقة من أحد، وبعيداً عن أعين ونظر الركاب الإنجليز، وهذا أمر عادي جداً ولا غبار عليه، ومع ذلك يقول: الجو هناك هادئ، وبديع -في لندن طبعاً- والأمطار هادئة، والأسواق ممتلئة بالخيرات، والشعب يتمتع بالرخاء، وإمكانية أن تُجتاح بريطانيا من قبل إحدى الدول المجاورة أمر غير وارد، ويطالب بأن يكون هذا المنظر الذي شاهده في بريطانيا أن يكون موجوداً في الكويت، وألا يكون عليه أي اعتراض، ويتساءل متى يأتي اليوم الذي يحصل فيه مثل هذا في أرض الكويت؟! فالقضية محاولة جلب التعاسة الغربية إلى بلاد الإسلام، وليست هذه مختفية في حيز ضيق أو زاوية، وإنما هي ممارسة علنية تكتب على صفحات الجرائد والمجلات، وأكثر من ذلك أنها تشترى بأموالنا.