أيها الإخوة: إنه لا يقرب من أجل، ولا يباعد من رزق، أن يتكلم هؤلاء المتربعون على عرش الصحافة عن الانتهاكات التي لا تنتهي لعقائد الناس، والتي أصبحت تؤرق المسلم، وتقلقه، وتجعله يعيش في عناء كبير، حتى وهو في بلده وبين أهله وعشيرته، لقد أصبح الكثير من الناس يعتقدون أن الكافر يهودياً كان أو نصرانياً أقرب إليهم وشيجة، ولحمه من أخيهم المسلم، وأن الأجنبي أقرب إليهم من أخيهم في النسب والعرق.
فأين حمية الإسلام إذاً؟! وإذا لم تكن حمية الإسلام، فأين نخوة العروبة التي كان أبو جهل، وأبو لهب ينتخون بها ويتنادون إليها؟! أين الموقف الناضج من ذوبان الشخصية الإسلامية في شخصية المستعمر؟ سواء كان هذا المستعمر أمريكياً، أم بريطانياً، حتى أصبحنا نجد المواطن العادي في أكثر من بلد قد يسمى ولده -كما سمعتم وقرأتم- بجورج بوش عبد الله! والآخر يلبس قلادة عليها صورة تاتشر! والثالث يقدم مشروعاً رسمياً لتسمية أحد الشوارع الرئيسية بـ تاتشر أيضاً!! ثم يشترط أحد الحضور أن يكون هذا الشارع -على حد تعبيره-: "سنع وزين"، لابد أن يكون شارعاً يليق بمستواها! وآخر أو أخرى تتكلم في التلفاز بلسان عربي غير مبين، وتفتخر بأن عشيقها أمريكي وهي بنت خمسة عشر عاماً! وفي ذات الوقت نجد بعض المقالات في صحف تكتب بالأحرف العربية، تنادي بإعادة النظر في العداوة مع إسرائيل؛ لأن إسرائيل وقفت معنا في حرب الخليج موقفاً لا بأس به، كما تقول تلك المقالة.
وهل إذا وقفت معنا إسرائيل، أو وقفت معنا تاتشر، أو وقفت معنا أي قوة أخرى في الدنيا في حرب سابقة أو في حرب لاحقة؟ هل فعلت ذلك من أجل سواد عيوننا؟! هل فعلت ذلك كما يراد لنا أن نفهم مناصرةً لقضايا العدل، والسلام، ورعاية لأخلاقيات وحقوق الإنسان؟! هل لهذه المصطلحات والكلمات وجود في قاموس السياسة المعاصرة؟! هل نحن نضحك على أنفسنا؟! كلا، إنهم وقفوا معنا من أجل مصالحهم، ومن أجل حفظ اقتصادهم، ومن أجل ضمان هذا العرق النابض في بلادهم، وقفوا وقفة من أجل أنفسهم لا من أجلنا، ويجب أن ندرك ذلك حق الإدراك، فهم لا يعنيهم من يحكم المسلمين، بقدر ما يعنيهم أن يكون الذي يحكمهم يضمن لهم مصالحهم، وأن تصل إليهم دون أي تأخير أو تعكير.