العدل بين الناس

ومن الأمانات الملقاة على كاهل الحاكم: أن يقوم بالعدل بين الناس، ورضي الله تعالى عن أمير المؤمنين عمر حين ظهر يوماً من الأيام على المنبر فقال: (أيها الناس اسمعوا وأطيعوا، فقام إليه رجل من المسلمين وقال له: يا ابن الخطاب لا سمع لك ولا طاعة، قال ولم رحمك الله؟ قال لأنك قد أعطيتنا ثوباً ثوباً وأخذت أنت ثوبين، فلا نسمع لك ولا نطيع وقد استأثرت من دوننا بهذا المال الذي أفاءه الله على المسلمين -فلم يأمر به عمر بن الخطاب إلى السجن ولا إلى التعذيب، وإنما قال-: أين عبد الله بن عمر؟ فقال هأنذا يا أمير المؤمنين، قال: أنشدك بالله من أين لي هذا الثوب؟ قال: هو ثوبي قد أهديته لك يا أمير المؤمنين، فقال ذلك الرجل: أما الآن يا أمير المؤمنين فقل نسمع لك ونطيع) .

وهو الذي كان يقول رضي الله عنه وأرضاه: (لو عثرت بغلة في العراق لعلمت أن الله سائلني عنها لم لمْ تسو لها الطريق يا عمر) فمهمة الحاكم إقامة العدالة بين الناس، من غير تمييز بينهم، لا بحسب ألوانهم، فلا فرق بين أبيض وأسود، ولا بحسب أنسابهم، فلا قيمة في الإسلام لكلمة هذا من قبيلة كذا وهذا من عائلة كذا، وهذا من أسرة كذا، وهذا قبيلي وهذا غير قبيلي، كل هذه الأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] .

إن بلالاً الحبشي، وصهيباً الرومي، وسلمان الفارسي، وأبا بكر القرشي كلهم يقفون على قدم المساواة في الإسلام، بل كان عمر رضي الله عنه يقول: (أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا) يعني بلال بن رباح، فهذه أمانة خاصة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015