إخوتي الكرام: أنا أقول لكم هذا الكلام، ولكن علم الله أنني وغيري من الناس، الذين عندهم ولو بعض الغيرة على الدين، إذا رأى المنكر عياناً يفور دمه ويغلي، وربما يحدث منه أشياء هو نفسه لا يرتضيها، لكن مع ذلك ينبغي أن نوطن أنفسنا على الحكمة، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب} ليست الشجاعة أن تقول: أنا والله أغير المنكر بالقوة، وتصبح كالذي يضرب رأسه في الجبل! لا، الشجاعة والقوة والشدة التي يثني عليها عليه الصلاة والسلام أنك ترى المنكر فيقع عندك من الغليان والانفعال الشيء الكثير، ومع ذلك تحاول أن تضبط نفسك، لتغير بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا لم يجد ذلك، ولم يكن بيدك سلطة رسمية، اكتفيت بذلك وبلغت ولاة الأمر، وقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون.
ودعوت الله عز وجل بأن يغير هذا الأمر، ويهيئ لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعته، ويذل فيه أهل معصيته، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، والدعاء هو سلاح المؤمن.
خاتمة: إخوتي الكرام! أقول لكم في نهاية هذه المحاضرة، كما قلت لكم في بداية ونهاية محاضرة الأمس، هذه الأشياء التي أقولها لكم هي اجتهادات من عندي، فإن كانت حقاً فمن الله وله جل وعلا المن والفضل، وإن كانت خطأً فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منها بريئان، وأسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم ممن يهدون بالحق وبه يعدلون، اللهم اجعلنا ممن يهدون بالحق وبه يعدلون، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم أصلحنا وأصلح بنا وأصلح لنا، اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، اللهم انفعنا وانفع بنا، اللهم لا إله إلا أنت أنت القوي ونحن الضعفاء، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا من جودك وعطائك وكرمك يا أرحم الراحمين! اللهم تقبل منا، واغفر لنا ولإخواننا المسلمين، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.