دور العلماء في تغيير المنكرات العامة

النقطة الأولى: مسألة دور العلماء، وذلك فيما يتعلق بالمنكرات العامة، التي لا يستطيع الإنسان أن ينكرها بمفرده، هناك منكر فردي، أنت وجدت إنساناً عليه منكر، تقول: يا أخي! اتق الله ودع ما تصنع، هذا لا يحتاج أنك تذهب إلى سماحة الشيخ ابن باز، أو الشيخ ابن عثيمين، فتقول له: فلان يشرب الدخان، أو فلان يشرب الخمر، هذا تقول له: يا فلان اتق الله ودع ما تصنع، لكنني أعني بذلك المنكرات العامة، والمنكرات الكبيرة، والمنكرات الرسمية، والمنكرات المنتشرة، التي هي فوق طاقة الفرد أحياناً.

أولاً: لا بد أن تبلغها للعلماء، وهذا التبليغ يكون بصورة موثقة وليس مجرد كلام، لأن بعض الناس يكون عنده نوع من الحساسية المفرطة، تجعله يبالغ في ذكر المنكرات، وقد قابلت بعض الشباب مثلاً، فوجدته يتحدث بحرقة وربما انفعال فوق اللزوم، ويقول: يا أخي! البلد فيه كذا وفيه كذا، في إحدى البلاد، ويحدثك عن بعض الأوضاع، فإذا قلت له: اذهب، أنا أريد أن أرى بعيني، جاء بك إلى شباب جالسين على الرصيف مثلاً، وقال لك: هؤلاء يوجد عندهم فجور ولواط، أرني إياها! قال: هذا كبير وهذا صغير، وهذا كذا، وهم يضحكون ويدخنون، صحيح أن هذا وضع غير جيد، وضع مشبوه، والتدخين محرم، لكن مسألة أنه يكمل الرواية من خياله هذا لا ينبغي أن يكون! وبعض الناس يوجد عندهم نوع من عدم التوازن، يجعلهم يبالغون في ذكر المنكرات، ولذلك حين تذكر للعالم منكراً لا بد أن تكون دقيقاً، ولا بد أن توثق ذكر هذا المنكر بصورة جيدة.

ثانياً: بعد أن تذكر هذا للعالم، أو لمن يسعه التغيير من أهل الحسبة، أو من القائمين على هذا الأمر، بعد ذلك العالم قد ينكر وقد يعجز عن الإنكار، وهنا يأتي دور قول الله عز وجل: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] فليس من حقك أن تنفض يدك وتقول: يا أخي! العلماء تخلوا، العلماء لا ينكرون، العلماء لا يفعلون، قد يكون أنكر لكنك ما علمت، والإنكار لا يعني بالضرورة أن المنكر زال، بذل العالم جهده، والعالم ليس سلطة في كل حال يغير الأمور بمجرد قلم، العالم قد يستطيع وقد يعجز، لكن إذا قام بما يجب عليه، هذا الذي يسعه بينه وبين الله جل وعلا.

وكم من مواقف وجهود كبيرة نعرفها لأهل العلم، لا يعرفها الناس، وهم يلومونهم، وقد لا يدرون مواقفهم القوية الشجاعة، والعالم لا يؤثر أن يتحدث الناس عنه بهذه المواقف، بل يفضل أن تكون بعيدة عن حديث الناس وكلامهم، لأنه أقرب إلى الصدق، وأبعد عن الرياء، وأقرب إلى الحكمة وتحقيق المصلحة أيضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015