الانتفاع بالعلم

الواجب الرابع هو: الانتفاع بعلم هؤلاء العلماء، والانتفاع يكون على صور شتى: أولاً: إجماعهم حجة، فإذا أطبق العلماء واتفقوا على حكم فهو حجة، لا يسع أحد أن يخالفهم، بل يجب على الأمة أن تتابعهم في ذلك.

أما إذا اختلفوا فإن الإنسان حينئذ قد يكون عامياً، يقول: أنا والله لا أقرأ ولا أكتب، ولا أميز بين الحديث الصحيح وغيره، ولا أفهم معاني القرآن والسنة، فنقول: ما دمت عامياً فواجبك أن تكون مقلداً لمن تثق بدينه من العلماء، سواء من العلماء الأحياء أو الأموات، تقول: أثق بعلم الإمام أحمد، الشافعي، مالك، أبي حنيفة، عالم معاصر من العلماء المعتبرين، تقلده فيما ينزل بك من الوقائع والأشياء التي تحتاج إلى معرفة حكم الله ورسوله.

وقد نقل بعض الأصوليين كـ ابن قدامة وغيره؛ الإجماع على أن العامي فرضه التقليد، ومذهبه مذهب مفتيه، فالعامي لا يفقه الأدلة، هذا بالنسبة لك إن كنت عامياً.

أما إن كنت طالب علم فأنت تتبعه، والاتباع هو أن تسأله عن الحكم، وتسأله عن الدليل، وحينئذٍ إن كان ما أفتاك به بدليله صحيحاً، ولم يبن لك خلاف ذلك قبلته، وإن رأيت هناك قولاً آخر أقوى منه وأجدر بالاتباع، فأنت تنتقل من عالم إلى عالم آخر، فلا زلت في إطار العلماء، أما إن كان الإنسان عالماً فهو حينئذ نظير لهذا العالم، إن وافقه حمده، وإن خالفه شكره، لأنه خالفه بمقتضى الدليل الشرعي، وهذا لا يوجب خصومة ولا عداء: وكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم والعالم المحقق لا يأتي بشيء من كيسه، إنما يأتي بفهم فهمه من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو من قواعد متفق عليها بين أهل العلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015