علامة المؤمن والمنافق

ولذلك كان من علامات المؤمن: الفرح بانتصار دين الرسول صلى الله عليه وسلم، والحزن لانخفاض دين الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن علامات المنافقين: الفرح بانخفاض دين الرسول عليه الصلاة والسلام، والحزن لارتفاع دين الرسول صلى الله عليه وسلم، فأنت تجد المنافق لا يملك نفسه فإذا رأى ما يسيء بالمؤمنين؛ فرح وسر ودندن وأعلن وتكلم وجاهر وبين ما في قلبه من النفاق والعياذ بالله؛ لأن ولاءه لغير المؤمنين، فقضية الولاء قضية جوهرية وقضية أساسية؛ حتى قال بعض أهل العلم: إنه لم يرد في القرآن الكريم من القضايا بعد توحيد الألوهية ولم يرد آيات بعد موضوع توحيد الألوهية مثل ما ورد في قضية الولاء والبراء.

فأنت تحب المسلم الموحد وترجو له الانتصار، وتدعو له، وتتعاطف معه، وتتكلم بالدفاع عنه، وترى أن هذا دين تتعبد الله تعالى فيه، لا تفكر ما هي النتائج، ولا تفكر هل هو منصور أو مخذول، لأن المنافقين طريقتهم: إن رأوا الغلبة لهؤلاء أيدوهم وآزروهم، وإن رأوا الغلبة لهؤلاء أيدوهم وآزروهم، ولهذا قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:141] فهم يلعبون على الحبلين -كما يقال- هنا وهنا.

مثل ما يروى أن رجلاً قام خطيباً فكان أمامه مجموعة من أهل السنة ومجموعة من الشيعة فقالوا له: أيهما أفضل أبو بكر أم علي؟ وهذا رجل يريد أن يرضي كل الأطراف، فقال: الأفضل منهما من كانت ابنته تحته! كلمة غامضة كلٌ يفهمها على ما يريد فخرج أهل السنة فرحين مسرورين، يقولون: إن أبا بكر ابنته زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحت الرسول صلى الله عليه وسلم، وخرج الشيعة كذلك فرحين مسرورين، يقولون: فضَّل علياً لأن ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم تحت علي رضي الله عنه وهي فاطمة.

فأحياناً يقول المنافق كلاماً يرضي هؤلاء، ويقول كلاماً يرضي هؤلاء، فإن انتصر هؤلاء يقول: أنا كنت معكم، وإن انتصر هؤلاء يقول: ألم أكن معكم؟ إنك تجد أن أي قضية تحصل من قضايا الإسلام خاصة في أزمنة الضعف والاضطهاد يبين فيها رؤوس النفاق فيظاهرون المشركين ويظاهرون العلمانيين، ويؤيدونهم وينصرونهم ويستخدمون كل ما أعطاهم الله تعالى في نصرتهم عكس ما عليه الأنبياء: ماذا يقول الأنبياء؟! ماذا يقول موسى عليه السلام؟!: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص:17] لاحظ قوله: لن أكون ظهيراً لهم، لا أنصرهم ولا أساعدهم.

أما كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام، وهم لا يحققون التوحيد حقيقةً، ولم تقم في نفوسهم معالم البراءة من المشركين والعلمانيين، بل قام في نفوسهم والعياذ بالله النفاق الأكبر الاعتقادي المخرج من الدين، والذي جعلهم يتعاطفون مع المشركين في كل مكان، وينصرونهم على المؤمنين ويفرحون بارتفاع كلمتهم، تجد أنهم قالوا -بلسان حالهم- بما أنعمت عليَّ فسوف أكون ظهيراً للمجرمين وأنصرهم، وأستخدم ما أعطيتني في تأييدهم ومظاهرتهم على المسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015