وحدثني أحد الإخوة وهو من إحدى الدول الإفريقية قال: الناس في بلدي جاءهم منذ زمن رجل كان يهودياً فتظاهر بالإسلام، ولبس جبة وعمامة، وأصبح يتظاهر بالنسك، فأعجب الناس به واغتروا، فكان يأخذ من أموالهم ما يشاء، ويستبد بهم ما شاء، ويأخذ من مزارعهم، حتى بلغت به الوقاحة وبلغت به الجرأة أنه لا يأذن لرجلٍ أن يتزوج إلا ويبيت هذا الذي يدعي الولاية عند زوجته الليلة الأولى، ويأتي منها ما يأتي الرجل من امرأته، فضاق الناس به ذرعاً لكنهم لا يستطيعون أن يصنعوا به شيئاً؛ لأنه في نظرهم ولي والأولياء تسلم لهم أحوالهم -هكذا يقولون- فلذلك ما كانوا ليصنعوا به شيئاً، حتى كان ذات يوم زواج أحد الشباب فدخل هذا الولي على زوجته فأتى منها ما يأتي الرجل من امرأته، فلما دخل عليها زوجها الحقيقي سألها، فقالت: نعم.
فأصابته غيرة وغضب وأخذ مسدسه وأفرغ رصاصاته في رأس هذا الرجل وأرداه قتيلاً، فتسامع الناس، وقالوا: قتل الولي قتل الولي! من قتله؟ قالوا: قتله فلان: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} [الأنبياء:68] فأتوا إليه وقتلوه، قتلوا هذا الشاب انتصاراً لذلك الولي، وبعد فترة بدأت تتكشف الأمور، وبدأ يتبين أن هذا الرجل الذي يدعي الولاية كاذب، وأنه سرق من فلان، وخان فلاناً، وأنه غدر وأنه كذا، ففاحت الروائح النتنة، وكما يقال في المثل: إذا سقط الجمل كثرت سكاكينه، فبدأ كل واحد يذكر فضيحة، ويقول صار له معي كذا، ولكنني ظننت الأمر بخلاف ذلك، وثالث ورابع، فعرف الناس أن هذا الرجل مخادع وبدءوا يترحمون على ذلك الشاب الذي كتب الله نجاتهم من هذا الإنسان على يده، فكيف عبروا عن سخطهم على ذلك المدعي للولاية؟ وكيف عبروا عن تقديرهم لذلك الشاب الذي قتلوه ظلماً؟ لقد جاءوا إلى قبر هذا الولي المدعي فصاروا يرجمونه بسبعة أحجار متتابعات مثل حصى الخذف، كما يرجم الحاج أو يرمي الجمار، ثم إذا انتهوا منه ذهبوا إلى قبر ذلك الشاب الصالح -نرجو أن يكون صالحاً- فصاروا يطوفون به سبعة أشواط متتابعات يكبرون عند كل شوطٍ.
فهذه صورة من صور عبادة غير الله التي توجد في أوساط المسلمين، وقد رأيت بعيني في بلدٍ آسيوي آخر، أن المسلمين وكانوا فقراء جياعاً، ولا يزالون، فكثير منهم لا يستطيعون الحج إلى بيت الله الحرام، فقام رجل في السبعين من عمره وابتكر لهم ديناً جديداً وعبادة جديدة، وقال: ليس هناك حاجة أن تتحملوا هذه المئات بل الألوف من الكيلومترات إلى مكة وأنتم لا تستطيعون؛ فابتكر حجاً للفقراء، فذهب إلى جبلٍ هناك ووضع فيه مكاناً للتعبد يشبه الكعبة، وأمر الناس أن يحجوا إلى ذلك المكان في وقت عيد الأضحى، فكان يتبعه على ذلك ألوف يَصِلُون إلى أكثر من ستين ألفاً فيخطب فيهم خطبة في يوم عرفة، ويأتون بالهدايا والقرابين من الغنم وغيرها فيسرحونها ويسيبونها في تلك الجبال، ولا يتعرض لها أحد، فهم يمارسون ألواناً وطقوساً من العبادات تضاهي ما يمارسه ويعمله المسلمون حين يحجون إلى بيت الله الحرام.
فهذه ألوان من الشرك الظاهر الصارخ الموجود في بلاد المسلمين، والذي قد يصعب على كثير من المنتسبين إلى الإسلام تمييزه أو معرفة أنه شركٌ مخالفٌ لأصل توحيد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإذا كان هذا على مستوى الدهماء أو العامة أو السذج، فإننا نجد كثيراً ممن يعتبرون مثقفين ومدركين، ممن استهوتهم بعض المذاهب الفاسدة فعطلت مداركهم وعقولهم أنهم يتعلقون بالبشر ويتألهون لهم، حتى يقول أحدهم وهو معاصر يخاطب علياً رضي الله عنه: أبا حسن ٍ أنت عين الإله وعنوان قدرته السامية وأنت المحيط بعلم الغيوب فهل عنك تعزب من خافية لك الأمر إن شئت تنجي غداً وإن شئت تسفع بالناصية فماذا بقي لله عز وجل؟! إذا كان علي رضي الله عنه هو المحيط بعلم الغيوب، وهو الإله، وهو عنوان القدرة، وأنه لا تخفى عليه خافية، وأن الأمر له من شاء أنجاه ومن شاء أخذه بالناصية وأرداه بنار جهنم؟! نتساءل: ماذا بقي لله تعالى رب العالمين إذاً؟!: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} [نوح:13-14]