بعد هذا الحديث الذي قد يكون فيه شيٌ من الاستطراد عما لقيه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أقول كيف لا يكون هذا الموضوع، موضوع: هكذا علّم الأنبياء، الذي هو موضوع هذه الجلسة؛ كيف لا يكون جديراً بالحديث عنه لتذكير الذين يسيرون على خطى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن هذا هو ما واجهه زعماؤهم وسادتهم وقادتهم، فكيف يطمعون هم أن يسيروا في طريق آمن مطمئن؟! أم كيف يطمعون أن تبحر سفينتهم في ريحٍ رخاءٍ وجوٍ هادئٍ بعيدٍ عن هدير الأمواج، وصفير العواصف؟! وهذا لم يكن يحصل حتى للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، الذين كانوا مؤيدين بالوحي من السماء، وكيف لا يكون هذا الموضوع جديراً بالكلام عنه، ونحن في فترة من فترات تجديد هذا الدين، الذي وعد به النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الفترة نأمل أن تثمر في تمكين الإسلام وأهله في الأرض، وهلاكاً لعدوهم كما قال موسى عليه الصلاة والسلام لما شكوا إليه قال: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف:129] .
فنحن نطمع أن تثمر هذه الصحوة المباركة وهذا الإحياء الكبير لدين الله عز وجل في الأرض؛ أن يثمر تمكيناً للإسلام ولأهل الإسلام في أرض الإسلام، وأن يثمر هلاكاً لأعداء الدين في كل مكان، وما أحوج المجددين إلى أن يراجعوا سيرة المصلحين الأوائل، أعني الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لينظروا إلى ماذا دعا أولئك الأنبياء، وما هي حقيقة دعوتهم، وكيف دعوا، وماذا لقوا؟ وإجمالاً فإني أعتقد أن طرق موضوع دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، مما لا يحتاج إلى تعليل، ولا إلى تسويغ فالجميع كلهم يؤمنون بأهمية الحديث عن دعوة الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين.