لم تكن قريش تتصور وهي تحارب الرسول صلى الله عليه وسلم، أنها تحارب رجلاً كتب الله أن يكون أتباعه في كل عصر يعدون بالملايين، وأنها تحارب رجلاً كتب الله تعالى أن تضج المآذن باسمه الكريم في كل يوم وليلة خمس مرات في طول بلاد الدنيا وعرضها، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد وشق له من اسمه كي يجله فذو العرش محمود وهذا محمد فلم يكن يخطر في بالهم أن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم سوف يكونون قوة تحسب لها قوة الدنيا ألف حساب، بعد مضي مئات السنين على موته عليه الصلاة والسلام.
بل لم يكن يخطر في بالهم أن تموج بلاد الإسلام بمظاهر السخط العارم لمجرد أن شخصاً دعياً أفاكاً نال من شخص الرسول صلى الله عليه وسلم، كما فعل سلمان رشدي حين أصدر كتاباً في بريطانيا سماه آيات شيطانية، نال فيه من شخص الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أزواجه أمهات المؤمنين ومن أصحابه، فقامت المظاهرات العارمة في شرق البلاد وغربها؛ بل حتى في بلاد الكفر تطالب بمحاكمة هذا الرجل وقتله، وترتب على ذلك آثار سياسية بعيدة المدى.
وهذا يكشف لكم عن ذكاء أولئك الذين يحاربون الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته ودينه من خلال أسلوب المناورة، فهم يمدحون الرسول صلى الله عليه وسلم بألسنتهم، بل قد يقيمون الموالد بالمناسبات المختلفة، بمناسبة المولد وبمناسبة الهجرة، وبمناسبة الإسراء والمعراج إلى غير ذلك من المناسبات الغير شرعية، يقيمونها ويتغنون بمدح الرسول عليه الصلاة والسلام، ويرددون الأناشيد والقصائد الجميلة، ولكنهم بعد ذلك يمزقون شريعته من خلال خططهم الرهيبة؛ أما هذا الرجل المأثوم المأفوك المسكين فاختفى وما زال مختفياً لا يدرى أين هو مختفٍ؟! خوفاً، ورعباً، وهلعاً، وفزعاً حتى أنه أعلن التوبة وأعلن الرجوع عما فعل، فلم ينفعه ذلك، والدائرة التي نشرت الكتاب تعرضت إلى ما تعرضت له، سخط المسلمين لا يتوقف ولا ينتهي لماذا؟ لأنه أعلن.