منها: أن الإنسان غفل عن الجانب الآخر من تلك الأحاديث، فإن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: {لا يأتيكم زمان إلا الذي بعده شر منه} -مثلاً- هو نفسه الذي قال: {إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها} .
فأخبر أن الأمة يتجدد لها الدين في رأس كل مائة سنة، وتتحسن الأمور والأوضاع والأحوال، لكن في الإجمال لاشك أن الأمة تسير في طريق تنازلي إجمالاً، لكن يكون في الأمة زمان أحسن مما قبله، كما هو الحال بالنسبة لعصور المجددين -مثلاً- الإمام محمد بن عبد الوهاب جاء إلى بلاد نجد وهم يعبدون الأصنام والأوثان، وبينهم من الحروب والتطاحن ما هو معروف في تاريخ نجد فدعاهم، وجمعهم على كلمة الإخلاص، ووحد الله تعالى قلوبهم وصفى به عقائدهم، وأقام دعوة راسخة قوية صلبة على مر العصور.
إذا، ليس الأمر مطرداً، فالذي قال: {لا يأتيكم زمان إلا والذي بعده شر منه} .
هو الذي قال: {إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها} وهو عليه الصلاة والسلام الذي قال: في حديث عمران} هو الذي عليه الصلاة والسلام قال: كما في حديث أنس وهو حديث صحيح: {أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره} ليس المقصود أن آخر الأمة مثل أولها (100%) سواء بسواء، إنما المقصود أن آخر الأمة في الخيرية والقوة حتى ليلتبس على الناس أهو خير أم أوله، وإلا ففضل الأولين مشهود لا يشك به أحد، فالذي قال هذا، هو الذي قال هذا فلماذا تأخذ الأحاديث التي فيها يأس وتترك الأحاديث التي فيها الأمل؟