Q إنطلاقاً من قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11] أقول: ما هي أفضل الوسائل وأحسنها التي من خلالها يستطيع الفرد المسلم أن يغير ما بنفسه، لكي يظهر بدينه أولاً.
ثم بأمورٍ أخرى، وهل نحن نخالف تطبيق هذه الآية الكريمة التي أظن والله أعلم أن نجاة الأمة على ضوئها؟
صلى الله عليه وسلم التغيير: لا شك بأن التغيير أول ما يبدأ يبدأ في النفس، فإذا كانت هذه الفكرة الخاطرة قوية أشغلت البال، ثم تحولت إلى عملٍ واقعي، ومن هنا يبدأ التغيير، ولو تأملنا إلى الآية الأخرى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة:277] فهناك تغيير يبدأ من النفس، يبدأ فعلاً إذا أحسسنا بظلام هذا الواقع، وفساد الواقع، أو أن الواقع يصل إلى درجة عشرة أو عشرين بالمائة، ونحن نحتاج إلى رفعه إلى مستويات أعلى، حتى نكون على مستوى المواجهة مع الأمة، فإنه يبدأ بالتغيير في النفس، ولو أخذنا مثالاً بسيطاً، هذا الرجل الصحابي الذي قال الرسول صلى الله عليه وسلم عنه: {يطلع عليكم رجل من أهل الجنة} وتعرفون قصته قصة ابن عمر معه، ولما رآه قال له: لماذا؟ قال: إني إذا قمت -تعار بالليل- إذا انتبه ذكر الله، وليس في قلبه حقد لمسلم أنا أسألك، لو كل واحد منكم مر عليه هذا الأمر، أيٌّ شخص منكم مر عليه قضية من القضايا أشغلت باله، سواء كانت في بيته، في سوقه، في عمله، في سيارته، أثناء هذه الحادثة إذا أتيت تتوضأ خطرت لك، إذا أتيت تنام خطرت، إذا انتبهت في الليل خطرت، أول ما تبادر هي، إذاً هذا الرجل الذي كان تفكيره في الله، استحق هذه المرتبة، إذا استطعنا أن ننقل قضايا الأمة وقضايا التغيير في المجتمع، وقضايا التغيير في أنفسنا إلى هذا الهم، والأمثلة كثيرة على ذلك في تاريخنا الإسلامي سواء من الفقهاء الذين كان الواحد منهم يسهر الليل ليفكر في مسألة، لو كان الواحد منا أمْر المسلمين يشغل باله، ويفكر به في نومه، إذا كان عندك مشكلة تجد فعلاً قد سيطرت على تفكيرك وخيالك سيطرة تامة، بحيث إذا انتبهت في الليل، أول ما يبين أمامك هذه المشكلة، ولو استطعت أن تنقل الواقع الذي تعيشه إلى هذا الهم لاستطعت أن تغير أو بدأت تغير، بحيث أن الذي يحس بالمشلكة يبدأ يغير منها، أما الذي لا يحس بها، يحس أن الأمر يعني غيره دائماً، لا يمكن أن يغير، إذا سمع ناصحاً ينصح عن أي قضية، مذكراً يذكر أي قضية، اعتبر من النصح للآخرين، وليس له، لا يمكن أن يغير، لكن لِمَ لا يتهم نفسه دائماً؟ وأنه هو المقصود بالدرجة الأولى، ليفتش عن نفسه، ويطمئن، هل هذا التقصير عنده أو لا؟ إذا كان غير موجود فأيضاً هو مقصر من جانب آخر، أنه لم ينه عنه، هذا تقصير موجود في المجتمع، وهذا تقصير بحد ذاته، فيبدأ يغير نفسه، ثم يغير من مجتمعه.
ولا شك أن هذه الآية منطلق نفسي عظيم، منطلق اجتماعي كبير للتغيير، لأنك إذا غيرت ما في نفسك، تستطيع أن تغير ما بنفوس الآخرين، ويتأكد الآخرون أنك مستعدُُ للتغيير، وأنك غيرت فعلاً، استطعت أن تتغلب على أي عارض أمامك، وغيرت، وإن الناس قد يتأثرون بشكلك بمظهرك فقط بأسلوبك بسلوكك كل هذا مظهر من مظاهر التغيير لأنك غيرت ما بنفسك، فتغير ما بواقعك.