استخدام أساليب الأعداء

Q لقد قلت عفا الله عنك لا بد أن يواجه الأعداء بنفس أساليبهم، فكيف إذا كان أسلوبهم هذا لا يرضي الله ورسوله، وفيه من المفاسد ما الله به عليم، مثل اللعب في الأندية وغيرها؟

صلى الله عليه وسلم حين نقول: أساليب الأعداء، لا نعني نفس الأسلوب بالتفصيل، لكن نقصد جوهر الأسلوب، مثلاً الأعداء اليوم في الإعلام يخاطبون الإنسان بأمور مثيرة مشوقة، نفسية الإنسان وطبيعته ترغب في هذه الأشياء، مثلاً: الطفل يرغب في أشياء كثيرة بحكم طفولته، الشاب يرغب في أشياء كثيرة، في طريقة التنوير، وفي الإثارة، وفي الجاذبية، وفي طريقة الخطاب، وفي طريقة الحوار، وفي أشياء كثيرة، فلا مانع أن نستغل هذا الاسلوب بالدعوة إلى الله عزوجل، وليس بالضروري أن استغله بالأشياء التي أستغله بها العدو من أمور محرمة، كنشر الصور المحرمة مثلاً، أو الكلام الحرام، أو البذاءة أو ما شابه ذلك، لأن هذا يخاطب غيره في الإسلام، لا، أنا استغل مثلاً حب الاستطلاع الموجود عند الإنسان، استغله في إثارة شوقه إلى معرفة أمور، ثم أعرفه بقضايا شرعية مثلاً، قل مثل ذلك بالنسبة لوسائل الأندية، الأعداء يقيمونها في كل مكان، للإفساد والاصطياد ونشر الرذيلة، وغير ذلك، لكن ما الذي يمنع من فكرة إقامة النوادي العلمية والثقافية، والنوادي الأخرى التي يكون من ورائها جمع الشباب، ولا مانع أن تكون في أمور مباحة تدعو الشباب وتناسب طبائعهم، والفترة الزمنية التي يعيشونها، ومع ذلك يضاف إلى ذلك أن تربي الأخلاق والفضيلة والمعاني النبيلة في نفوسهم، أما إذا استخدم العدو وسيلة محرمة في جميع الظروف، لا شك أن المسلم، لا يسئ، ولا يتوصل إلى طاعة الله بمعصيته، [[إن ما عند الله لا ينال بمعصيته]] كما قال عمر رضي الله عنه، نحن متعبدون بالغايات والوسائل، يجب أن تكون غايتنا شرعية، ووسيلتنا أيضاً شرعية، فلا يمكن أن نستخدم أسلوباً أو أمراً محرماً، لنصل إلى أمرٍ شرعي أو مباح، أبداً بل نصل للذين نريد بأساليبنا الشرعية المباحة ووسائلنا المتاحة أيضاً، فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولن يكلف إلا ما نطيقه، لكن عندما نقول مثلاً: إن من الأساليب الحديثة التي بدأت تستخدم أسلوب الضغط الجماهيري لأي أمر، أي أمر يريدونه يعملون له تمهيداً جماهيرياً، ضغطاً جماهيرياً، بحيث أن الناس إذا جاء هذا الأمر قبلوه، الشاهد أنه أسلوب من الأساليب، لم تحرم الدعوة من هذا الأسلوب؟ ينبغي أن لا نكون نحن عاطفيين: إذا أردنا شيئاً اليوم حققناه، وإلا تنازلنا عنه، -مثال بسيط- حين تذهب إلى قرية وتتكلم فيها كلمة عن أي أمر أو أي منكر من المنكرات الظاهرة، لا تتصور أن يزول هذا المنكر بتلك الكلمة، لكن هذه الكلمة هي من أساليب الضغط الجماهيرية التي تجعل توطئة لما يأتي بعدها، وحين ننبه في مدرسة عن منكر، هذا يتكلم، وهذا يقول، وهذا يرد، فبعد فترة نرى أن الجمهور جميعاً يغضب على صاحب المنكر ويصبح مستقبحاً من كافة الطبقات، ليس من طبقة واحدة، بل من الكبار والصغار والمسئولين، وغير المسئولين، والنساء، وغير ذلك! المهم هذا الأسلوب الذي تعمله المجتمع كله غير راضٍ عنك، غير مقتنعٍ، وهذا أسلوب ضغط جماهيري، يجب أن يكون من أعمال الدعوة الموجودة، وقد استخدمها الأعداء، الأعداء إذا أرادو شيئاً، بكل وسائلهم، أقاموا ضغطاً، فحين يريدون عمل شيء، يأتون بكل أسلوب ضغطي لا يتصور، فستجد هذه الإذاعة تتكلم، وهذه الصحيفة، وهذا وهذا، حتى أنك تشعر أنه فعلاً وصلك المدد، ما بقي شيء، نحن بحاجة لاستخدام هذا الأسلوب، دع الطرف الآخر، كيد الضعيف مع هذا الضعف يجعلنا نتكلم بقوة حتى ما يفكر بالكيد مرة ثانية، وبهذا نستطيع أن نستخدم، هذا الذي نريده، أيضاً ممكن نستفيد من أصل، فكرة النادي نحن لا نجلب الناس بالكرة مثلاً، لكن المهم أننا عرفنا أن الشاب يميل إلى التجمع يحتاج إلى حب أشياء معينة من التغيير والتسلية، لماذا نجعل الوقت كله جاد، إذاً نحن بحاجة إلى المزيد من الأسلوب، نحن بحاجة لمعرفة أساليبهم، دراسة المنطقة دراسة علمية، لماذا لم ينفع هذا الأسلوب؟ جرب أسلوباً آخر، مثلاً في مصر نجح، جاءوا إلى السعودية جربوه أو إلى أي مكان لم ينجح، لماذا؟ جلسوا يدرسون المنطقة، ما هي العوائق التي أعاقتهم؟ نأتي نحن نطبق نفس الأسلوب، جربت هذا الأسلوب في مدينة من المدن، حتى في مدينة من مدن الدولة الواحدة، لم ينجح هنا، نجح في المدينة تنقل التجربة ربما لا ينجح، لماذا؟ هناك سر، إذاً لا بد أن ندرس المنطقة واهتماماتها، احتياجاتها، رغباتها، حتى نصل بدعوتنا، كما قال شيخ الإسلام: إذا عرف مقصود الشرع، توصل إليه بأقصر الوسائل، أو كما قال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015