بل أقول: إن هذا ينافي عقيدة التوحيد الصادقة القوية النقية في نفوس المؤمنين عقيدة التوحيد التي تدرك أن مقاليد الأمور كلها بيد الله جل وعلا، وأن الأمر يُدبر في السماء، وما هؤلاء البشر إلا أدوات، يريدون هم، ويريد الله عز وجل، فيقع ما يريد الله، ولا يقع ما يريد المخلوق.
[[يريد عبدي وأريد، وما لعبدي إلا ما أريد]] هذا جاء في بعض الآثار، والمعنى صحيح على كل حال، دل عليه القرآن والسنة، بغض النظر عن الأثر وعدم ثبوته، المهم إياك إياك أن تهتز ثقتك برب العالمين، ثم ثقتك بهذا الدين، ثم ثقتك بأنك تستطيع أن تصنع شيئاً، بل شيئاً كثيراً.
محمد إقبال شاعر الإسلام في الهند يحذرك من أن تزهد في نفسك، أو تزدريَ شخصك الكريم، أو ترى أنك عاجز، لا تستطيع أن تصنع شيئاً، لا، هذا لا يصلح أبداً، يقول: وتَزعمُ أنك جُرمٌ صغير وفيِكَ انطوى العالمُ الأكبرُ لا تزدرِ نفسك، أقول لبعض الإخوة: حتى المريض الذي يُحمل في النقالة في المستشفى من غرفة إلى غرفة، أو يظل في غرفة الإنعاش، هذا المريض، -والله الذي لا إله إلا هو- يستطيع أن يصنع الكثير للإسلام، بشرط أن توجد عنده همة وإرادة أن يصنع شيئاً للإسلام، بشرط أن يكون فعالاً إيجابياً يعمل على التغيير يستطيع أن يدعو الله عز وجل، والدعاء سلاحُُ كبير، يستطيع أن يفكر ويخطط، والناس كلهم يمشون على أثر المخطط، ممكن أن نكون نحن أصحاب الأجسام القوية الكبيرة، وأصحاب القدرات، وأصحاب الأكف، والسواعد المفتولة، نحن جميعاً قد يسيرنا إنسان يرسم لنا خطة فنمشي عليها وننفذها، وراسم هذه الخطة هل استخدم يده في رسمها أو رجله؟ ماذا استخدم؟ استخدم عقله، والمريض الذي يُحمل على النقالة ربما يتمتع بتفكير وعقل وهدوء وإمكانية النظر للأمور أكثر مما يتمتع الصحيح أحياناً يستطيع أن يقول الكلمة يستطيع أن يشعر الشعور الصحيح.