المؤهل لخوض الصراع

أنا أريد أن أسأل نفسي وأسألكم -أيها الإخوة- سؤالاً يجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا، ودعونا ننتهي من الكلام الفارغ، وننتقل إلى أن نكون عمليين وإيجابيين، إما أن نتصرف بصورة صحيحة، وإلا فلا داعي أن نشغل الناس بالكلام والقيل والقال، ونحن ما صنعنا شيئاً، نريد أن نسأل أنفسنا: هل نحن نغار للإسلام؟ هل نحن نغضب للإسلام؟ هل نحن نتأثر من قضية الإسلام؟ أم أن قضية الإسلام والمسلمين أصبحت في هامش التفكير عندنا، بل ربما لا تعنينا في شيء، وربما إن فكرنا فيها نفكر دقائق، ثم نشتغل بتفاصيل أحوالنا، أذهب بزوجتي إلى المستوصف، وأذهب بولدي إلى المدرسة، وآتي بالعلاج، ثم أذهب إلى السوق، ثم أذهب للعمل، وهكذا تجدني أربعاً وعشرين ساعة أنتقل من عمل تفصيلي إلى عمل تفصيلي، والله ما عندي وقت أفكر في قضية الإسلام والمسلمين، إذا كان الأمر كذلك، فمن الآن انسحب، وابق خارج دائرة المواجهة.

نحن نريد رجالاً من جنس الرجال الذين قال لهم يوشع بن نون كما في صحيح مسلم، لما أراد أن يغزو، قال عليه الصلاة والسلام: {غزا نبي من الأنبياء -هو يوشع بن نون - فلما قَرُبَ من القرية أوشكت الشمس على الغروب} لاحظ كيف أن الناس الجادين المضحين يسخر لهم الله عز وجل نواميس الكون، حتى إذا احتاجوا إلى خوارق الآيات يجريها الله لهم!! فهناك شيء اسمه كرامات، فإن أنت عجزت فإن الله عز وجل يدبر في السماء شيئاً لا تتوقعه، فهذا النبي لما رأى الشمس أوشكت أن تغرب خاطبها وقال لها: {أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها فوقفت الشمس} هذا حديث صحيح.

قفي يا أُختَ يُوشعَ خبرينا أحاديثَ القرون الغابرينا ثم غزا وانتصر على أعدائه، المهم ماذا قال للذين معه؟ هذا الشاهد الجُندْ الذين معه؟ لما أراد أن يخرج بالناس قال: {لا يتبعني رجل بنى بامرأة ولم يدخل بها} .

رجل عقد على امرأة وما دخل عليها حتى الآن، هذا ينسحب من الجيش؛ لأن قلبه مشغول بهذه الزوجة، ما عنده وقت، ولا عنده جهد، ولا عنده اهتمام لقضية الإسلام، هذا لا يصلح لنا، ينسحب، ثم: {ولا يتبعني رجل اشترى إبلاً، أو بقراً، أو غنما، وهو ينتظر ولادها وإنتاجها} .

رجل عنده إبل، وينتظر هذه الناقة تلد، وكذا وكذا، ويريد أن يثمرها وينميها، هذا يجلس عند إبله وبقره وغنمه، ما يصلح للجهاد، {ولا يتبعني رجل ابتنى داراً ولما يرفع سقفها} .

ورجل أصلح (الفلة) وبقي التبليط، والدهان، وأشياء، وتكميلات، فهو مشغول، يوم مع السباك، ويوم مع الدهَّان، ويوم مع المبلط! هذا لا يصلح لنا، هذا يجلس عند (فلته) يبقى أن يتبعنا الإنسان الذي تُشغِل قلبه قضية الإسلام والمسلمين الشخص الذي يحترق للإسلام، يغضب لله ورسوله، الشخص الذي يقول: "أريد أن أصنع شيئاً" هذا مرحباً به، وإن كان يشتغل بالدنيا لا مانع، الدنيا تكون في يده لا في قلبه، وإن كان له زوجة، وإن كان عنده أطفال، فالله عز وجل يقول {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان:20] وفي آية أخرى {وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد:38] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015