الخطر الثاني الذي يهدد إخواننا المجاهدين هناك ويجب أن يكون موضوعاً في الاعتبار هو: خطر التدخل الدولي.
ومن المعروف أنه بعد الحرب الباردة ونهايتها، أصبحت أمريكا تحاول أن تكون شرطياً في العالم كله, وهي تخشى من أفغانستان بالذات لأسباب: 1- أن أفغانستان أثبتت الأحداث عبر السنوات الماضية أنها عرينٌ، وأنها مأسدَةٌ يمكن أن تكون مقبرةً للطغاة والغزاة من أي لونٍ، أو جنسٍ كان, فهي بذلك مصدر قلق وإزعاج لهم.
2- جوار أفغانستان للجمهوريات الإسلامية التي خرجت لتوها من الاتحاد السوفيتي، والتي يمكن أن يحدث فيها ما لا يحمدون عليه.
3- جوار أفغانستان لباكستان، وهي دولةٌ شعبها مسلم، وحكومتها تحاول أن تقترب من الإسلام.
4- جوار أفغانستان لإيران.
وما أدراك ما إيران؟! وسوف أتحدث بعد قليل عن بعض المخاوف من إيران، هذا مع أنني أقول الآن وأعتقد أن الغرب ليس راضياً حتى عن وضع الحكومة الرافضية في إيران؛ لأنه لا يريد أن يقوم لأي حكومةٍ أخرى قائمة، إلا أن تكون حكومةً نصرانية, وأي حكومة أخرى قد يهادنها، أو يسالمها لفترةٍ مؤقتة لأنه لا بديل عنها؛ لكن حينما يتمكن من إيجاد حكوماتٍ علمانية، بحتة لا تؤمن بدينٍ ولا بعقيدة، حتى ولو كانت عقيدةً فاسدة أو ديناً منحرفاً, فإنه لن يتردد في دعم العلمانيين للقضاء على كل أصحاب العقائد, حتى ولو كانت عقائدهم منحرفة.
وعموماً فإن الغرب يبدي مخاوفه بشكل مستمر مما يسميه بالحكومات الأصولية, فموقف الغرب مثلاً من السودان معروف, وموقف الغرب من الجزائر معروف, وموقفه من يوغسلافيا معروف, أما موقف الغرب من أفغانستان فقد أصبح حديثُ المجالس وسارت به الركبان, ولم يعد بحاجة إلى ذكرٍ أو بيان، وقد عرضت الأمم المتحدة حلاً يتمثل في إيجاد حكومةٍ مؤقتة من حوالي (16) شخصاً نشرت جريدة الحياة أسماءهم، وليس في هؤلاء شخصٌ واحدُ من المجاهدين, أو على صلة تذكِّرُ بهم, واعتبرت أن هذه الحكومة محايدة ليست من المجاهدين، ولا من الحكومة القائمة يوم أعلن هذا الحل.
ولكن الحسم العسكري الذي لجأ إليه المجاهدون، ووفقهم الله تعالى إليه، قد أسقط هذا الخيار الذي عرضته الأمم المتحدة, فحاولت أن توسع آفاق المشاركة، وتعد المجاهدين بإمكانية أن توجد لهم مقاعد؛ ولكن يبدو أن هذا الحل على أي حال قد تعدته الأحداث، وتجاوزته إلى غير رجعه, لكن يمكن أن تقدمه الأمم المتحدة، أو بعض الدول المجاورة، أو بعض الدول الأخرى بأسلوبٍ آخر.
هناك بالتأكيد وجود لبعض القوات، ولو يسيرة من الأمم المتحدة في كابل, بل هناك أخبار تقول: بأن استيفان مندوبهم يسعى في الوقيعة بين حكمتيار، وبين أحمد شاه مسعود , فيذهب إلى هذا تارةً، ويذهب إلى هذا تارةً أخرى، ويسعى بالوقيعة بينهم.
أيها الأحبة هنا وأيها الأحبة هناك في أفغانستان باسم الأمم المتحدة دمرت دولٌ قائمة ممكنة، وقضي على أسلحة هائلة واقتصاد غني, وبعدما مارست الأمم المتحدة التخلص من جميع الأسلحة في العراق, ها أنتم ترون الأمم المتحدة تسعى إلى القضاء على كل ألوان التسليح الموجود في ليبيا ومن ثم الانتقال إلى البلاد الإسلامية الأخرى، التي أشرت إلى شيء منها للقضاء عليها.
وباسم الأمم المتحدة مورست ألوان من الإذلال للشعوب الإسلامية، حتى أن هناك أخباراً تقول: إن عدد الذين ماتوا جوعاً وعطشاً وعرياً في العراق يزيدون على مائة وعشرين ألفاً!! وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض} , فما بالك بمائة وعشرين ألف إنسان؟!! بل هم مسلمون من هذا البلد المنكوب بحكومته أولاً, والمنكوب بتسلط الأعداء عليه ثانياً.
ولا يبعد أبداً أن تسعى القوى النصرانية إلى الإفادة من أي بادرة تناقض بين المجاهدين في أفغانستان، لتجعل من أفغانستان ضحيةً جديدة للأمم المتحدة, فهي تبحث عن موطئ قدم للتدخل هناك.
وليس من المتيسر بعد أن قضى الإخوة المجاهدون ثلاثة عشر عاماً في قتال الروس، وأسقط الله تعالى الشيوعية، وكان لهم دورٌ ومشاركة وسببٌ في ذلك، أن تبدأ أو أن نتسبب في بدء معركةٍ جديدة مع الغرب النصراني الكافر، المدجج بالسلاح, فيجب أن ندق طبول الخطر من الحلول والمحاولات التي يمكن أن تقوم بها الأمم المتحدة، للتدخل باسم حقن الدماء، وباسم حماية الشعب، وباسم عدم المواجهة, حتى أن بعضهم يقول: إننا نتدخل من أجل عدم وجود مواجهة بين المجاهدين بعضهم مع بعض, وما عهدناهم غيورين على الدم الإسلامي إلى هذا الحد.