الخطر الأول هو: الاختلاف والتنازع, وأخشى ما يخشاه المخلصون أن يكون الاختلاف والتنازع الآن سببا ًفي ضعف الثمرة, أو خطفها من أيدي المجاهدين ليظفر بها غيرهم، ممن لم يكن لهم في الجهاد أيُّ دورٍ أو مكانة, سواء من أركان النظام السابق، أو من غيرهم.
ولذلك يتعين على جميع الفصائل الجهادية في أفغانستان -وهذا أمرٌ مهم جداً- أن تتقي الله تعالى ولا تستبد برأيها, ولا يجوز لأي فصيلٍ من الفصائل أن يقوم بتشكيل حكومةٍ جزئية من ذات نفسها؛ لأن معنى ذلك هو التوتر، وتصعيد الأحداث، وافتعال المواجهة, بل يجب أن يتم تشكيل الحكومة المؤقتة بالتشاور والتفاوض مع كافة الأطراف الجهادية بدون استثناء، من أهل السنة الذين كان لهم دورٌ في الجهاد، وفي تحقيق هذا النصر, لتقوم هذه الحكومة بضبط الأمن وحفظ الإدارة، وتسيير الأمور، ريثما تتيسر الأوضاع لقيام حكومةٍ أكثر دقة، وأكثر انضباطاً يرضى عنها الجميع.
وإننا يجب أن ننادي جميعاً كل من يملك شيئاً أن يبذله في سبيل توحيد المجاهدين, وفي سبيل تجنيبهم شر الاصطدام والمواجهة, فالجهود الإسلامية المكثفة، هي التي يمكن أن تحول بإذن الله تعالى دون ذلك, ولا يجوز لنا أبداً معاشر المسلمين في كل مكان، لا يجوز لنا أن نقف متفرجين، نسمع الأخبار من الإذاعات، أو نقرأها من الصحف ثم ننحي باللائمة على هذا الطرف، أو ذاك، أو على فلان أو فلان! لا يجوز هذا أبداًَ، بل يجب أن يتدخل كل القادرين -وكلنا بإذن الله تعالى قادرون ولو على الشيء اليسير- لمحاولة جمع كلمة المجاهدين، والوصول إلى إقامة حكومة مشتركة من كل الفصائل التي شاركت في عملية الجهاد عبر ثلاثة عشر عاماً.
هذا هو الخطر الأكبر الذي يهدد إخواننا المجاهدين هناك، خطر التنازع والتفرق, وإننا نقوله، وقلوبنا فرحةٌ مسرورةٌ بهذا النصر الكبير الذي حققه الله على أيديهم، بعدما كادت قلوب كثير من الناس أن تستيئس، ونرجو أن يكون الأمر كما قال الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف:110] .
ونرجو أن يكون الحال كما قال الله عز وجل: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214] .