الشرط الثاني: ألا يكون اللباس زينة في نفسه.
بمعنى أن هناك بعض الملابس قد يستر البدن، ولكنه بنفسه زينه، وهو مثير وملفت للأنظار، وهو يستدعي فضول الرجال أكثر مما لو كان العضو مكشوفاً، وهذا كثيراً ما يوجد، ففي الآية السابقة يقول الله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:31] وليس معقولاً أن تستر المرأة الزينة من بدنها بزينة أخرى، هي أكثر مدعاة للإثارة وجلباً للفضول.
مثلاً: كثيرٌ من النقوش والزخارف الموجودة في الثياب ملفتة للنظر، بل إن كثيراً من الألوان ملفتة للنظر، أو كون الثوب مكوناً من ألوان عديدة فاقعة ولماعة وجذابة، هذا الثوب يكون زينة في نفسه.
كذلك العباءة، فالعباءة ستر ولاشك، مطلوب من المرأة أن تستر ثيابها بالعباءة، وهي الجلباب قال الله: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:59] هذه العباءة قد تكون -أحياناً- مطرزة بتطريزات، وموشاة بألوان من الرسوم والزخارف والنسيج، الذي هو أكثر إثارة مما لو ظهرت المرأة بثيابها دون أن تلبس العباءة، ومثل ما يسمونه بـ"الكاب" وقد تلبسه بعض النساء بديلاً عن العباءة.
وقد أتاني عدد من الشباب الإخوة العاملين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -جزاهم الله خيراً- بنماذج من هذا الكاب الذي يباع في الأسواق وتشتريه النساء، فرأيت في ذلك عجباً، من ألوان التطريز والتجميل والجاذبية التي هي في حد ذاتها مدعاة للإثارة، فمثل هذا لاشك أنه لا يحقق الغرض المقصود من لبسه؛ لأن المرأة حين تلبس الكاب أو العباءة، إنما لبسته لمزيد من التستر، فما بالك إذا كان هو يدعو إلى مزيد من الفضول ولفت الأنظار.
وقل مثل ذلك بالنسبة لغطاء الوجه، فالمرأة مأمورة أن تغطي وجهها بالغطاء، أو بالخمار الذي تستر به وجهها وشعرها، حتى لا ينظر الرجال إلى وجهها فيفتتنوا به، لأن الوجه هو مجتمع محاسن المرأة، ومظهر من أهم مظاهر جمالها، والناس إذا وصفوا المرأة بجمال أو غيره، فإنما يصفون غالباً وجهها، فأمرت بستر وجهها بغطاء، فما بالك إذا كان هذا الغطاء نفسه جمالاً، قد يستر بعض عيوب المرأة ويظهر جمالها.
مثل أن تلبس المرأة حجاباً خفيفاً شفافاً، يظهر الجمال ويستر القبيح، فهذا لا شك أن عدمه خير من وجوده، وهو أولى بالتحريم من كشف الوجه.
أو أن تلبس المرأة ما يسمى بالنقاب أو البرقع، فيكون هذا النقاب قد فتحت المرأة لعينيها فتحتين كبيرتين جداً، يظهر منهما العينان بكمالهما، ويظهر شعر الحواجب، ويظهر جزء غير قليل من الخدين.
فيكون مدعاة للإثارة، ويستر ما قد يكون في المرأة من نقص أو عيب، لاشك أن هذا أيضاً هو زينة في نفسه.
فيشترط في لباس المرأة المسلمة وسترها؛ ألا يكون زينة في نفسه، لأن الزينة نفسها مأمور بعدم إبدائها، كما قال تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور:31] فكيف تستر الزينة بزينة أخرى؟ هذا لا يصلح ولا يسوغ!!