الشرط الثالث: ألا يكون اللباس ضيّقاً يصف الجسد.
فبعض النساء قد تلبس ثوباً طويلاً، وليس زينة في نفسه، ساتراً لجميع البدن، لكن هذا الثوب ضيق جداً، يصف حجم عظام المرأة، ويصف تقاطيع بدنها، ويلفت النظر إليها، وقد أتى حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ثوباً فلم يره عليه، فقال له: أين هو؟ قال: يا رسول الله، كسوته زوجتي فلانة.
قال له النبي صلى الله عليه وسلم: مرها فلتجعل تحته غلالة، فإني أخاف أن يصف حجم عظامها} والحديث رواه أحمد والبيهقي وضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة وصححه، وهو كذلك.
فقال: {مرها فلتجعل تحت الثوب غلالة} والغلالة بلغتنا الدارجة هي: الشلحة التي تلبسها المرأة تحت ثيابها، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تجعل تحت الثوب غلالة تقيها، بحيث لا يصف هذا الثوب حجم عظام المرأة، ولا يصف تقاطيع بدنها.
أما إذا كانت المرأة عند الرجال الأجانب، أو ستمر بأجانب، فلا شك أن كونها تلبس ثوباً ضيقاً يصف بدنها، أن هذا مدعاة الإثارة والفتنة، لكن حتى لو كانت عند محارم أو أقارب ليسو أجانب عنها، كالأخ والعم والخال أو كانت عند نساء، فإنه جدير بالمرأة المسلمة ألا تلبس هذا الثوب الضيق لأسباب، ولهذا أقل ما يقال فيه الكراهية، بل بعض العلماء أطلق عليه التحريم في مثل هذه الحالة: أولاً: لأن هذا مدعاة لأن يقلدها بعض النساء، فيظهرن بهذا الثوب أمام المحارم وأمام الأجانب على حد سواء، كما أنه حتى عند المحارم ينبغي للإنسان أن لا يسترسل في الحديث والانطلاق في هذه الأمور، ولست بحمد الله ممن يبالغون في التخويف من فساد الواقع، بل نحن ندعو دائماً إلى الاعتدال، وأن يرى الإنسان الفساد ويرى الخير والصلاح إلى جانبه فلا يبالغ.
لكنني أحدثكم عن معايشة، وقد اتصل بي كثير من الشباب، وبعضهم كتبوا إليَّ رسائل يرتعد الإنسان منها ويتعجب أشد العجب، أن من الشباب من يفتتنون بمحارمهم!! ومنهم من يقع معهن بما لا يرضي الله عز وجل بل بما يسخطه! ومنهم من ينظر -وهذا ليس بالقليل- إلى محارمه نظرة إعجاب ونظرة شهوة! وقد تكون أخته أو عمته أو خالته أو قريبته ممن لا تحتجب منه.
ومع ذلك إذا تزينت وتجملت أثارت غريزته وشهوته وفضوله، فربما نظر إليها بشهوة، وربما اقترب منها، وربما حصل ما لا تحمد عقباه، لا أبالغ في هذا، ولا أقول إن هذا موجود في كل بيت، لكنني أقول إنه موجود حتى في بعض المجتمعات النظيفة.
فلا تتساهل المرأة مع المحارم أو مع النساء، كما أن النساء مع النساء قد يحدث من ذلك أشياء وأشياء.
إذاً المرأة ينبغي أن تتحفظ، حتى في مثل المجتمعات البعيدة عن الرجال الأجانب، ولا تسترسل في لبس الثياب الضيقة أو الثياب القصيرة التي لا تستر.