ترتيب الأولويات في كل شيء

النقطة السادسة: قضية ترتيب الأولويات في كل شيء، مثلاً في القضايا الشرعية وغير الشرعية، هناك أمور ضرورية بالدرجة الأولى، تأتي بعدها أمور حاجية وبعدها تحسينية، فلا بد من ترتيب الأولويات، ففي المجال الشرعي مثلاً العناية بتوجيه الهم للأصول الشرعية وبيانها وبيان ما يتعلق بها، لا شك أنه أولى من العناية ببيان الجزئيات والسنن والمكروهات، وهذا لا يغني عن الاشتغال بهذا، تشتغل بهذا وذلك، ولكن تعطى كل شيء بحسبه، هذا لا بد منه في المجال الشرعي.

وحين تنتقل إلى المجال الدنيوي، تجد الكلام نفسه -فمثلاً- في عالم الصناعات، هل الأمة التي تريد أن تبدأ بالتصنيع، مطلوب منها أن تبدأ بتصنيع -مثلاً- الآلات الموسيقية وأدوات التجميل؟ أم مطلوب منها أن تبدأ بالضروريات بالتصنيع الحربي، التقنية العسكرية، التي تحتاج إليها، في وجودها وقوام حياتها ومدافعة أعدائها؟ لاشك أنها تبدأ بالضروريات، وهناك أشياء حاجية، وهناك أمور تحسينية مخالفة للشرع أصلاً لا يجوز البداءة بها، ولا التفكير بها أصلاً.

إذاً الأمة التي تبدأ بأمور الترف تكون انتهت من حيث بدأت، وقتلها الترف قبل أن توجد، لأن الترف يوجد في النهاية، لأن الأمة تبدأ قوية وبعد عشر سنين أو مائة سنة أو مائتي سنة يبدأ الترف يدب إليها ثم يقتلها فالترف يكون في النهاية وهو قاتل.

فما بالك بأمة تبدأ بالترف؟ هذه أمة حكمت على نفسها بالزوال قبل أن توجد، لا يمكن أن تكون البداية بالترف، ولكن لابد من الجدية والأمور الضرورية اللازمة.

نرجع في النهاية ونقول يقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11] {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:165] {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى:30] {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل:118] .

التغيير يبدأ من عند الإنسان، والحمد لله رب العالمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015