السببية سنة في الحياة

نقطة رابعة: وهي موضوع السبب أو ما يسمى بالسببية.

لا شك أن الله قادر على تحقيق ما يريد بقوله {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] .

فالله عز وجل قادر على أن يجعل كل الناس مؤمنين بكلمة كن, وقادر على أن ينصر الإسلام بكلمة كن, ولكن الله عز وجل شاء غير هذا, وجعل الدين للناس يطبقونه من خلال جهدهم وعملهم وتضحيتهم, حتى الرسول صلى الله عليه وسلم -كان مثلاً يحتاج إلى أن يتعب، يخرج من مكة مهاجراً مختفياً, إن الله تعالى قادر على أن يرسل له البراق الذي ذهب به إلى بيت المقدس, ثم صعد به إلى السماء أن يرسله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يركب عليه من مكة إلى المدينة، وتكون رحلة هادئة مأمونة ليس فيها خطر, لكن الله عز وجل شاء غير هذا، فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم وجلس في الغار والمخاوف حوله، ويقف المشركون على رأس الغار، إلى آخر القصة.

فالله تعالى أراد أن يتحقق الدين من خلال الأسباب, ومعلوم أن الله عز وجل يعين المسلمين بوسائل لا يملكونها كإعانتهم بالملائكة مثلاً, لكن بعد أن يستفرغوا وسائلهم وأسبابهم التي يملكونها، فإذا حصل منهم تقصير بعد ذلك يسدده الله تعالى عن طريق أمور قد لا يستطيعونها هم، فيمدهم بالملائكة والعون، وهزيمة عدوهم بالريح، إلى غير ذلك: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:31] .

فالله تعالى جعل السببية ناموساً وسنة في هذه الحياة, حتى الدين جعله تعالى منوطاً بجهد الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015