إن معنى كون الإنسان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر: أنه لا يذكر له خير إلا سعى إليه, ولا يذكر له شر إلا سعى إليه, سعى إليه مغيراً منكراً، ولا يشترط أن تكون البداية من عندك دائماً، أو أن تكون الفكرة فكرتك، أو أن تكون عن قناعتك الخاصة, إنما المهم أنه خير فهو -مثلاً- عالم ينشر العلم، ولا يقصر جهده على هذا, بل يقدم لهذا نصيحة اجتماعية ويقدم لهذا مساعدة مادية، أو يكون وسيطاً بين الأغنياء والفقراء في المال، ويحل لهذا مشكلة، ويكتب لهذا تزكية، ويراجع لهذا كتاباً, وهو على هذا المشروع مساعد ومعين، ومع هذا المركز وإلى هذه المؤسسة وحول هذه المدرسة يعطي هذا شريطاً وهذا كتاباً وهذا نصيحة وهذا كلمة طيبة، فلا يخرج من عنده أحد إلا بشيء.
فإذا مات فقده الناس، وقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون, فدخلت مصيبة فقده على كل أحد، وترحموا عليه، بخلاف ذلك الإنسان الذي إن حضر لم يعرفه أحد ولا يثني عليه أحد ولا يدعو له أحد, وإن مات -أيضاً- لم يفقد لأنه لم يقدم للناس خيراً.
إنه يحسن المساعدة وليس يحسن التخلص من الناس، وبينهما فرق كبير، فهناك إمكانية أن تتعلم حسن التخلص فكل من جاءك بشيء تتعلم أنك تتخلص منه، فإن طلب منك مالاً، قلت: لا أقدر, وإن طلب مساعدة، قلت: لا أستطيع, وإن طلب منك رأياً قلت: ليس عندي وقت استمع لمشكلتك, وإن طلب منك أن تذهب معه إلى هنا أو هناك، قلت: أنا مشغول ولا أستطيع, فتتعلم حسن التخلص من الناس, وهذا نوع.