Q ماذا نقول للمسلم الذي يظن أن الوصول إلى الشرف والعلو، لا يكون إلا ببغض الحق وأهله باسم الوسط، وسب الله ورسوله باسم الأدب، وإعطاء الفرصة للباطل باسم المشاركة، والولاء لغير المؤمنين وأهل الحق باسم المصالح المشتركة؟
صلى الله عليه وسلم هؤلاء أنواع: منهم المسلم ولكنه ضعيف الإيمان، فهو يداري ويخاف ويجبن، ولا يستطيع أن يواجه أو يقاوم الواقع، وهذا يرجى له إن شاء الله تعالى أن يستيقظ قلبه، ويدرك ولو بعد حين، أن المسألة لا مثنوية فيها، ولا توسط، ولا يصلح إنسان وسط بين الجنة والنار، ليس هناك مرحلةٌ وسط بين الكفر والإيمان، ولا مرحلة وسط بين الحق والباطل، ولا مرحلة وسط بين الهدى والضلال، إما الجنة وإما النار، إما الهدى وإما الضلال، إما الكفر وإما الإيمان، ولهذا نعى الله تعالى عن المنافقين أنهم يريدون أن يتخذوا سبيلاً وسطاً، فيقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعض، ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا.
وهناك فئة من هؤلاء، هم -في الحقيقية- في قلوبهم مرض الريب ومرض النفاق، ولكنهم ربما لا يبوحون به؛ فيتظاهرون للمؤمن بشيء، ويتظاهرون لغيره بشيء آخر، فإذا جاءهم المؤمنون قالوا لهم كلاماً، إذا انتصر المؤمنون قالوا: ألم نكن معكم، وإذا انتصر الآخرون وغلبوا، قالوا: ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين.