الدعوة إلى اتباع الدليل الشرعي

المثال الأول: مثال علمي: فالدعوة إلى اتباع الدليل الشرعي المجرد، من كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو ما أجمعت عليه الأمة وسلفها، والدعوة إلى التحرر من التقليد غير المستنبط، والدعوة إلى الاختيار من أقوال الأئمة دون الالتزام لواحد منهم هذا المطلب! لك أن تتصور كم سوف يثير، من المشاكل وكم سيقال عمن يحملونه: إنهم دعاةُ فتنة، وقد يقول قائل: هؤلاء خارجون على الأئمة، مخالفون لما جرت عليه الأمة، وهؤلاء منتقصون لأكبر العلماء، وهؤلاء دعاة تفريقٍ للصف، وهؤلاء كما قال أحدهم: صغارٌ يتعلمون يوم السبت، أو يولدون يوم السبت، ويتعلمون يوم الأحد، ويفتون يوم الاثنين، ويناظرون يوم الثلاثاء.

سخريةٌ مُرَّة! نعم! نحن ندعو إلى الانضباط، وندعو إلى الأناة، وعدم العجلة، وألا يقول الإنسان على الله ما لا يعلم، بل عليه أن يتعلم ويتحرى ويبحث عن الدليل، ولكن دون شكٍ، فالمطلوب تحرير الأمة من التعصب المذهبي، إلى جو اتباع الدليل بغض النظر عمن قال بهذا القول، وهذا الكلام الذي يواجهه الدعاة، أو الداعون إلى اتباع الدليل، ليس دليلاً على فشل هذه الدعوة، ولا مقياساً للخسارة، بل ربما كان مقياساً للربح؛ لأنه من الإيمان، ومن العمل الصالح، ومن التواصي بالحق، ومن التواصي بالصبر على ذلك كله.

وإنما جاءت هذه الأشياء نظراً لقوة هذه الدعوة، وفاعليتها وتأثيرها وتهديدها لبعض الرءوس، التي انتفعت بجو التبعية وجو التقليد، فلا تريد أن تفقد مكانها.

فهذا مثال يدلك على أن أي لونٍ من ألوان العلاج، أو الإصلاح، أو التعديل، يتطلب الكثير من الآلام، والكثير من التضحيات والكثير من التكاليف، ولكن! كما قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:3] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015