المثال الثاني: وهو مثالٌ اجتماعي: المحامون عن قضية المرأة في مجتمعٍ يحتقر المرأة ويزدريها، فلا ينطق باسمها ولا يورثها، ولا يحسب لها حساباً، ولا يقيم لها وزناً ولا اعتباراً، ولا يسمح لها أن تبدي رأيها، بل يهينها ويذلها، وهذا موجودٌ في مناطق كثيرةٍ من العالم الإسلامي، خاصةً تلك المناطق البعيدة عن مراكز العلم، صحيحٌ أن هناك وعياً، ولكن لا يزالُ هذا الأمر قائماً في عدد من المجتمعات! فالذين يطالبون بالعدل في قضية المرأة، وأن يقام حكم الله في هذا الشأن، وأن تنصف النساء، وتعطى المرأة حقها كاملاً غير منقوص، لا يتعدى بها قدرها، ولا تعطى ما ليس لها، وليست دعوةً قوامها مخاطبةُ مشاعر المرأة، أو استثارتها، بل هي دعوةٌ تستهدف تعديل الميزان، وإصلاح المجتمع، وحمايته من تلك القنابل الموقوتة التي من الممكن أن تنفجر في أي لحظة.
تلك المرأة المظلومة المكلومة لو سمعت صوتاً ينادي بتحريرها، ويطالب بحقوقها، وهو صوتٌ غير إسلامي قادم من بعيد من بلاد الغرب، لربما هشت لهذا الصوت وبشت وأيدته، لماذا؟! لأنها تشعر أنه يرفع من معاناتها ويقف مع قضيتها، فلماذا لا يكون الصوت المدافع عن قضايا المرأة المطالب باحترامها أماً كانت أو زوجة، أو بنتاً أو مرأةً في المجتمع، وإعطائها حقها الشرعي كاملاً غير منقوص، دون أن يتعدى بذلك حدود ما أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم؟ لماذا لا يكون هذا الصوت صوتاً شرعياً إسلامياً؟ المهم أن هذا الصوت كلما ارتفع، سيجد المعارضة، لأنك تدعو إلى تغيير العادات والتقاليد، وتدعو إلى مخالفة السنن الموروثة، وتدعو إلى تحريض النساء على الرجال، والمرأة ليس لها إلا كذا، ولا يجوز أن تسمع إلا كذا، ولا ينبغي أن نتكلم مع المرأة إلا بالحديث عما يجب عليها، أما ما يجب لها فكلام لا تسمعه، هكذا ستواجه مثل هذه الدعوة وهكذا يقول بعضهم.
إذن الدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي سواءً في المرأة، أو في مجالِ تربية الأطفال، أو في مجال العلاقات الاجتماعية في مجتمعات وقع فيها خطأٌ من هذا القبيل سوف تواجه بحرب ضروس لا يهدأ لها قوام.