ثم تجد الإنسان يتكلف نوعاً من الوقار تحس أنه ثقيل على النفس، لا يلتفت إلا بكل صعوبة، وإذا سلم أو خاطب أحداً يخاطبه وهو لا ينظر إليه بل يعرض عنه، وما أشبه ذلك من الأشياء التي قد يفعلها كبار الناس اعتياداً ولكثرة من يخاطبهم ويأخذ معهم ويعطيهم، وكثرة مجالستهم للعلماء، وكثرة قراءتهم للكتب، إلى غير ذلك من الأسباب.
لكن يأخذها البعض الآخر تقليداً في غير محله، فيكون حظ الإنسان من التعلم هو بعض المظاهر والشكليات -كاللباس مثلاً- أو طريقة المخاطبة وطريقة الذهاب والإياب؛ حتى طريقة المشي والدخول والخروج وما أشبه ذلك، ويرى الإنسان أن من مكملات شخصيته كطالب علمٍ ألا يمازح الناس، ولا يباسطهم، ولا يضاحكهم، ولا يبتسم في وجوههم، حتى تنظر لوجهه كأنه من وجوه الموتى، الابتسامة أحياناً قد تغتصب اغتصاباً.