الكيد الخارجي

الأمر التاسع: من الأشياء التي نعلق عليها أخطاءنا: هو الكيد الخارجي.

وهذا أمر الكلام فيه يطول، لكنني لا أريد أن أطيل فيه، لأننا كثيراً ما نرتاح ونستأنس حين نتكلم عن الكيد الخارجي، لأننا أصبحنا أبرياء! لماذا؟! لأن اليهود هم الذين فعلوا وخططوا، حكماء صهيون، والماسونية، والشيوعية، والنصارى، والمشركون وإلخ، المهم أصبح أمامنا ألوف مؤلفة من الأمم والأديان والنظريات والمذاهب والجمعيات السرية والمخططات، أصبحنا نلقي عليها كل أخطائنا.

وهذا مهرب نفسي واضح، ولذلك تجد أن الناس يكثرون من الحديث عنه، ويرتاحون لذلك أشد الراحة، حتى أنك تجد الأمة على مستواها العام تلقي بالمسئولية على من ذكرت، لكن حين تنتقل إلى الخاصة من الأمة؛ وهم الدعاة إلى الله عز وجل، في كثير من البلاد تجد الدعاة يلقون بالمسئولية عن الأشياء التي وقعت لهم، لا يقولون نحن المسئولون، بل يقولون: المسئولون هم الحكام في تلك البلاد.

مثلاً: حاكم بطش بالدعوة في بلد ما، واضطهد وعذب وآذى وقتل وعلق على أعواد المشانق، وهذا حدث في بلاد عديدة قلما تجد داعية يقوم ليقول: نحن المسئولون ويحلل الموضوع؛ ليخرج بنتيجة أن هناك أخطاءً في طريقة الدعوة وفي سلوك الدعاة وفي أساليبهم؛ أثمرت هذا الاضطهاد.

بل يكتفي أن يقول: هذا هو فعل الحاكم، هو الذي اضطهد وآذى المسلمين، واعتدى عليهم، وانتهت القضية، وأن الحاكم هو المسئول، وخرج الدعاة أبرياء من كل مسئولية، ومعهم الأمة كذلك تقول: اليهود والنصارى هم الذين خططوا وفعلوا، وأوصلوا الأمة إلى ما وصلت إليه، أما الأمة فهي أمة بريئة لم تفعل شيئاً تعاب به.

وهنا نقول: -كما قلنا سابقاً- نرجع المسؤلية إلينا نحن، يقول الله عز وجل، بعد أن ذكر كيد المشركين قال: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [آل عمران:120] لم يكن كيد الأعداء ليبلغ ما بلغ، لو كنا أهل صبر وتقوى {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [آل عمران:120] فالله تبارك وتعالى يدافع عن الذين آمنوا، ويحميهم ويحفظهم من كيد أعدائهم.

وإنما الأمر كما قال أحد المفكرين الغربيين قال: إن الأسباب الحقيقية لكل انحطاط هي أسباب داخلية وليست خارجية، وليس علينا أن نلوم العواصف إذا أسقطت شجرة نخرة لكن علينا أن نلوم الشجرة نفسها.

هذه شجرة تتمايل وآيلة للسقوط، فجاءت عاصفة فأسقطتها وجثتها، ليس المسئول عن ذلك العاصفة، إنما الشجرة كانت مهيأة لهذا الأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015