قصة ابن الزبير

وقل مثل ذلك في مثل آخر ربما يكون بعيداً، وهو أيضاً في صحيح البخاري عن وهب ٍ أن أهل الشام عيروا عبد الله بن الزبير، وقالوا له: (يا ابن ذات النطاقين) فقالت له أمه: يعيرونك يقولون: يا ابن ذات النطاقين؟ قال: نعم! قالت: وهل تدري ما النطاقان؟ قال: لا، قالت: لما ذهب أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة شققت نطاقي -نطاق المرأة الذي تضعه في وسطها- فجعلته نصفين: أحدهما: لقربة رسول الله صلى الله عليه وسلم والثاني: لسفرته، ولذلك كانت ذات النطاقين، فتمثل ابن الزبير أو تمثلت أسماء بقول أبي ذؤيب الهذلي: وعيرني الواشون أنى أُحِبها وتلك شكاةُُ ظاهرٌ عنك عارُها هناك عيب أني ذات النطاقين، بل هذه محمدة وحسنة، وهذا البيت إنما تمثل به ابن الزبير رضي الله عنه أو تمثلت به أسماء، وإلا فالواقع أنه لـ أبي ذؤيب الهذلي ضمن قصيدة يقول فيها: هل الدهر إلا ليلةُُ ونهارها وإلا طلوع الشمس ثم غيارها أبى القلبُ إلا أم عمرو فأصبحت تحرَّق ناري بالشكاة ونارها وعيرنى الواشون أني أحبها وتلك شكاةُُ ظاهرٌ عنك عارُها فنحب منك يا أخي -جزاك الله خيراً، ونفع الله بك الإسلام والمسلمين- أن تعطي عطاء من لا ينتظر من أحد في الدنيا جزاءً ولا مثوبة، ولا ينتظر ثناءً من الناس، ولا مدحاً، ولا جاهاً، وإنما ينتظر الجزاء عند الله تعالى في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، نريد العطاء الذي ينبعث من ذاتك، غير مرتبط بزمان ولا بمكان ولا بظرف، فأنت تعمل على أن تقدم لدينك ما تستطيع في كافة الظروف، حتى وأنت على سرير الموت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015