أما المسلمون اليوم، فأكثر ما يركز عليه عدوهم، هو ألا يكون لدى المسلم شعور بالتحدي، أن يشعر المسلم بأن الأمور ليس فيها تحدٍ، وليس فيها مواجهة، ولذلك فإن من أغرب الدعوات الخطيرة التي أصبحت اليوم تُعرض في الإعلام العربي وغير العربي؛ أَنْ أنتم مخطئون، فلقد شغلتمونا بالكلام عن أعداء الإسلام، وأعداء الدين، وعن اليهود والنصارى والكفار.
وقد قرأت مقالات يشيب لها الرأس، هناك أناس يحملون -مع الأسف- أسماء عربية وإسلامية يقولون: انتهى هذا الكلام، لم يعد يصلح تقسيم العالم إلى مسلمين وكفار، ولا إلى أعداء للإسلام وأولياء للإسلام، القضية الآن قضية شرق وغرب، شرقٍ متخلف وغرب متحضر، والعلاقة بينهما علاقة مصالح متبادلة" حتى إن بعض الصحف المصرية كتبت مقالاً عنوانه: أسطورة اسمها: "أعداء الإسلام" إذاً أنتم ضائعون، ليس هناك أعداء للإسلام، ولا داعي أن تشعروا بالتحدي، أو أن هناك عدواً يتربص بكم، أو أن هناك أمماً تعد العدة لكم، لا داعي لذلك، وبالتالي لا داعي لأن تقاوموا أعداء الإسلام ولا أن تحاربوهم، ولا أن تقفوا في وجوههم، فلا داعي لشيء من هذا.
فالذي يهم الأعداء هو أن لا يشعر المسلمون بأن هناك تحدياً يواجههم ويتطلب منهم الرد، والمقاومة والاستجابة لهذا التحدي، ولا شك أن شعور المسلم بذلك وإحساسه هو النار التي يمكن أن تنضجه، فالمسلم حتى الصادق الآن هو مثل الحطب، إذا لم تشتعل فيه النيران فلن تحصل منه على الدفء، ولن تحصل منه على الحرارة، ولن تحصل منه على الإنضاج، ولن تحصل منه على الإضاءة، فلابد أن توقد هذه النيران؛ حتى تجد المسلم الفعال الذي يشعر بالهم تجاه قضية هذا الدين، وبالتالي هذا هو الذي يمكن أن يرشد آراء الإنسان، ويصحح تصوراته، يجعله صاحب مبدأ، العرب تقول: ويل للخلي من الشجي.
كثيراً ما تخوض نقاشاً مع إنسان لا يحمل هماً ولا فكرة، وكل ما في الأمر عنده قضية بعيدة كل البعد، ولذلك هو لا يفكر كيف يحقق نصراً للإسلام، وكيف يحقق مكسباً لهذا الدين، كيف يحبط مؤامرات هذا العدو، كيف ينتصر على عدوه، بل ينظر إلى قضايا قريبة جداً وبالتالي يفكر على ضوئها، فهو في وادٍ وأنت في وادٍ آخر.