إن محمداً صلى الله عليه وسلم هو النموذج الأكمل لكل مسلم، الذي قال الله فيه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21] انظر كيف كان هديه وسيرته.
في صحيح البخاري: {أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على سبىٍ فرأى امرأة في السبي تمشي إذ رأت صبياً فأخذته، وألزقته ببطنها وأرضعته، وضمته إليها، فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا المشهد -واستفاد منه في التربية، في ربط ذلك بقضية شرعية- قال لأصحابه رضي الله عنهم: هل ترون هذه طارحة ولدها في النار؟، قالوا: لا -والله- يا رسول الله، وهي تقدر ألا تطرحه، قال: والله لله أرحم بعباده من هذه بولدها} .
وفي الحديث الصحيح أنَّ سعد بن معاذ رضي الله عنه قال: {يا رسول الله أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلاً، أكنت أتركه حتى آتي بأربعة شهود، قال: نعم، قال: والله يا رسول الله ما كنت أفعل، كنت أضربه بالسيف غير مصفح، لا أبالي، أي: أقتله مباشرة- فضحك النبي صلى الله عليه وسلم -ولكنه استفاد من هذا الموقف في تنبيه الصحابة على أمرٍ آخر- فقال: أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه، والله تعالى أغير مني} إذاً حكم الله تعالى نافذ، وغيرة الإنسان إذا تعدت فإنها ينبغي أن تكون مربوطة بالشرع.
مثل ثالث: جيء بمناديل جميلة من حرير بعد إحدى المعارك لا عهد للمسلمين بها، فصار المسلمون يطوفون بها ويتعجبون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {أتعجبون من هذه المناديل؟ والله لمناديل سعد في الجنة أحسن من هذا وأطيب} مناديله في الجنة أحسن من هذا، ربط كل قضية تعجب الناس في الدنيا بقضية الدين أو بقضية الآخرة، وصدق الشاعر حيث قال: يا طيبَ عهدٍ كنت فيه منارنا فبعثت نور الحقِ من فاران وأسرت فيه العاشقين بلمحةٍ وسقيتهم كأساً بغير دنان أحرقتَ فيه قلوبهم بتوقد الـ إيمان لا بتلهب النيرانِ لم نبق نحن ولا القلوب كأنها لم تحظ من نار الهوى بِدُخانِ