الفكر الإسلامي ووجوده

أيها الأحبة يتحدث كثير من الناس عن الفكر، حتى إني سمعت أحد المفكرين يقول: "إن الفكر هو أساس العمل" ويقول: وإنما الأممُ الأفكارُ ما بقيت فإن هُم صلحت أفكارُهم صَلحوا ونحن مع إيماننا العميق بأن الفكر ضروري جداً لبناء أمة صحيحة السلوك، وصحيحة العمل، وهذا لا شك فيه، إلاَّ أنني أعتقد أن مشاعر الإنسان وأحاسيسه الداخلية، هي ذات دورٍ كبير في صياغة فكر الإنسان وصناعة تفكيره، ولذلك يُبدى الشاعر المسلم المعروف محمد إقبال حزنه وانزعاجه من الجمود الذي أصاب التفكير، وأصاب الشعور لدى المسلمين، في قصيدته المعروفة فيقول: أرى التفكير أدركه خمول ولم تَعدُ العزائم في اشتعالِ وأصبح وعظكم من غير سحر ولا نورٍ يُطل من المقالِ وعند الناس فلسفةُُ وفكرٌ ولكن أين تلقين الغزالِي وجلجلة الآذان بكل صوتٍ ولكن أين صوتٌ من بلال ِ منائركم علت في كل حيٍ ومسجدكم من العُبَّادِ خالِي إذاً: الصورة موجودة لكن الحقيقة غائبة، المنائر موجودة والعباد غائبون، جلجلة الآذان موجود لكن صوت بلال وترنيمته وصدقه وإخلاصه وروحانيته غائبة، الفكر موجود؛ لكن حقيقة هذا الفكر وروحه وسره غائبة.

إذاً هذه هي النقطة الأولى، وإن شئت فسمها الشرط الأول فيمن يحمل هم الإسلام، وهو أنه لابد أن تتكيف مشاعره وعواطفه وأحاسيسه: فرحه ورضاه وحزنه وسروره وغضبه مع قضية الإسلام الكبرى، فهي التي تعيش معه، تنام معه إن نام وتستيقظ إن استيقظ، بل أقول: تستيقظ معه حتى وهو في منامه، فتجد أحلامه ومرائيه في منامه تدور حولها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015