فمن هؤلاء المسلمين من يكون يائساً قد انقطعت حباله، فهو لا يفتأ يردد ليل نهار الأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان غربة هذا الدين، وأنه بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، أو تلك الأحاديث التي تتكلم عن العزلة واعتزال الناس والبعد عنهم، وربما قال أحدهم: هذا أوان قوله صلى الله عليه وسلم: {أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك} فإذا سمع هذا المسلم اليائس القانط أخباراً عن المنكرات التي تقع هنا أو هناك، أو المصائب التي تنزل بالمسلمين؛ فإنه يكتفي بأن يحوقل أو يحسبل أو يسترجع، ولا يتعدى أمره ذاك.
ولاشك أن ذكر الله تعالى مشروع في كل حال، فـ (لا حول ولا قوه إلا بالله) هي من أعظم الأسلحة التي يستعصم بها المسلم في وجه اليأس والقنوط، فإنه حين يقول: (لا حول ولا قوه إلا بالله) لا يردد كلاماً فحسب، بل هو يتلو دعاءً من كنز تحت العرش، يدله على أنه ينبغي أن يعتصم بالله عز وجل، ويستمد القوة من الله تعالى في مواجهة الواقع وتغييره إلى الأحسن، كما أنه ينبغي أن يدرك أن التحول من واقع سيء كالمعصية والفجور والإثم، إلى واقع حسن بالطاعة والبر والإيمان، لا يكون إلا بعون الله تعالى ونصره وتأييده.
فهذه طائفة من المسلمين تعيش اليأس والقنوط.