وهنا نسأل أنفسنا: أين محاضن الأطفال المسلمين والأيتام؟! أين دور العجزة والفقراء؟! أين المدارس الخيرية؟! أين المستشفيات؟! أين المؤسسات الخيرية؟! أين المؤسسات الاقتصادية؟! أين الخدمات المجانية -أو شبه المجانية- التي يمكن أن تقدم للمسلمين، والتي تنقذهم من براثن الجهل والمرض والفقر، ذلك الثالوث الخطير الذي يفتك بالمسلمين؟ قد يقول قائل: المسلمون لا يملكون شيئاً، أو يقول: الدعاة إلى الله تعالى في أكثر بقاع الأرض هم أفقر الناس! فأقول: هذا صحيح من جانب، لكن لا يجوز أبداً أن نعتبر هذا كافياً في تعليل ما يجرى، فإننا نجد أن هذا نوعٌ من الهروب من المسئولية، وكم من الدعاة إلى الله تعالى لم يفكروا أصلاً في هذا الموضوع! ولو أن الإنسان اعتبر هذا أحد الاهتمامات التي يجب أن يهتم بها، وينبغي أن يفكر فيها، فإنه لا بد أن يتفتق ذهنه عن وسائل ناجحة، وكما يقال: الحاجة أم الاختراع، ومع الصبر والوقت والتفكير والمحاولة يمكن أن يفعل الدعاة الكثير والكثير مما ينفع في هذا، بشرط أن تصبح إقامة الجسور مع الأمة هماً يسيطر على قلوب الدعاة إلى الله تعالى.
وما زال الكثير من أثرياء الأمة وتجارها وأغنيائها ووجهائها لديهم ثقة بالدعاة إلى الله عز وجل، وإمكانية أن يتعاونوا معهم، بحيث تنتقل رءوس الأموال التي توجد في بلد من بلاد المسلمين؛ لينتفع بها المسلمون في كل مكان عن طريق الدعاة الصادقين، وليس عن طريق الصليب الأحمر الدولي -مثلاً- أو عن طريق المؤسسات التنصيرية التي ربما وزعت على المسلمين أموال المسلمين وابتزتهم بها، ودعتهم بها إلى النصرانية!! إذاً: يجب أن يكون الدعاة إلى الله تعالى والمخلصون هم الجسر الذي تعبر عليه أموال المسلمين وإمكانياتهم إلى إخوانهم المحتاجين في كل مكان من الأرض.
فالداعية لا يحتاج كثيراً إلى أن ينفق من جيبه، بل يكفي أن يكون لديه الاستعداد لأن يكون وسيطاً، وإذا علم تجار المسلمين -وهم كثير، وفيهم خير كثير، وفيهم ثقة بالدعاة إلى الله تعالى- أن دعاة موثوقين صادقين يمكن أن يقوموا بمثل هذه المهمات؛ فإنهم لن يترددوا أبداً في إعانتهم ومساعدتهم.
وأيضاً: لا بد -أيها الأحبة- أن نقنع أنفسنا بأهمية الموضوع من جهة أخرى، ثم أن نقنع أنفسنا بإمكانية أن نفعل شيئاً، فالإنسان اليائس لا يمكن أن ينتج، والذي يقول: ليس في يدي حيلة، هذا محكوم عليه أنه كالميت لا يمكن أن يقدم لأمته شيئاً؛ لكن إذا كان لديه همة عالية، فالهمم العالية تزيل الجبال.