وبعد هذا وذاك فإنني أيضاً أستسميحكم في اقتطاع جزء من الوقت على أهمية موضوع هذه الليلة في قراءة هذا البيان الصادر من جماعة من العلماء والدعاة في هذا البلد، حول ما جرى وما يجري في أفغانستان.
يقول هذا البيان الذي وقعه جماعة من العلماء على رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فغير خاف على أحد ما يجري في أفغانستان من الخلاف، وما ترتب على ذلك من تفاقم الأمر في صفوف الأمة من الدعاة، والخطباء، وطلبة العلم، وعموم الشباب وسائر الناس، من جراء الخوض في هذه المسألة دون تثبت ولا علم ولا بصيرة، نصرة لطرف على طرف، أو هجوماً على طرف، أو دفاعاً عن طرف من أطراف النزاع، وإننا نناشد جميع المسلمين وخاصة الشباب الغيور على قضايا الأمة؛ بالكف عن الخوض في هذه المسألة بأي صورة، تأييداً أو تنديداً لما ينجم عن ذلك من تفرق كلمة أهل الخير في كل مكان، وتشتت آرائهم واختلاف قلوبهم، وربما أدى ذلك إلى التشاحن والتطاحن والتباغض! وأوصل بعضهم إلى الولاء والبراء! والحب والبغض، والاشتغال بتصنيف الناس على حسب مواقفهم من هذه القضية! وإن أخشى ما يخشاه العقلاء أن تكون ثمة أصابع خفية تهدف إلى زعزعة وحدة الأمة لصالح أعداء الإسلام من الشرق والغرب! فأفضل وسيلة لتفويت الفرصة على العدو هي ترك الخوض في هذه المسألة نهائياً، والإعراض عنها بالكلية، والاشتغال بما هو أجدى وأهم؛ من طلب العلم، والدعوة إليه، والإقبال على العبادة، وتهذيب السلوك، وتصفية القلوب من لوثات الحقد والحسد والبغضاء التي يبذرها الشيطان في نفوس الناس، علماً أن ثمة جهوداً طيبة من جهات عديدة تتدخل بهدف الإصلاح بين الأطراف المتنازعة، وقد قطعت في هذا المجال شوطاً كبيراً، ولعل ترك الخوض في هذه المسألة مما يساعد هذه اللجان على أداء مهمتها، وستعلن نتيجة ذلك قريباً إن شاء الله.
كما أن على الجميع السعي لنشر العقيدة الصحيحة في نفوس المسلمين في سائر الأقطار، بالأسلوب الحكيم المناسب البعيد عن التنفير، وبكافة الوسائل المتاحة، كالدعوة، والتعليم، وطباعة الكتب، ونشر الأشرطة المفيدة، وغير ذلك، وإننا إذ نعتبر هذه مسئولية الجميع؛ فإنها منوطة بصفة خاصة بمن أعطاهم الله تعالى مزيداً من العلم والبصيرة في الدعوة أو الجاه أو المال.
فنأمل من إخواننا المسلمين مراعاة ذلك والسعي لتنفيذه بقدر الإمكان، كما نناشد إخواننا المجاهدين الأفغان وقادتهم خاصة السعي لجمع كلمة المجاهدين ولم صفوفهم تحت راية عقيدة أهل السنة والجماعة، والحرص على حقن الدماء ووحدة الصف، امتثالاً لقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران:103] وقوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46] وقوله: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:105] .
نسأل الله للجميع التوفيق لصالح القول والعمل إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ولا أرى حرجاً أن أقرأ عليكم أسماء المشايخ الموقعين؛ لأن هذا مما يزيد من توثيق هذا البيان: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك، الشيخ عبد الله بن حسن بن قعود، العبد الفقير المتحدث إليكم، الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي، الشيخ محمد بن سعيد القحطاني، الشيخ سعيد بن زعير، الشيخ عائض القرني، الشيخ ناصر العمر، الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي، الشيخ سعيد بن عبد الله الحميد، الشيخ عبد الوهاب بن الناصر الطريري، الشيخ عوض بن محمد القرني، الشيخ حمود بن عبد الله التويجري، الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين، الشيخ عبد المحسن بن ناصر العبيكان، الشيخ عبد الله بن حمود التويجري، الشيخ سعود بن عبد الله آل فنيسان، الشيخ ناصر بن عبد الكريم العقل، الشيخ سلطان بن عبد المحسن الخميس، الشيخ أحمد بن صالح السناني.